12 سبتمبر 2025

تسجيل

خسائرنا.. مكاسب

02 مارس 2023

كثيرٌ من الناس يُطلقون معاني فضفاضة على كل شيء كالحب والإعجاب أو الفرح والحزن، الحلم والأمنية، وأيضاً الخسارة والتي هي عكس الربح والهزيمة التي تحمل في معناها عكساً للنصر. وقد رسّخت فينا بيئتنا مفهومًا مشوهًا عن الخسارة التي هي فعلٌ مشين لا يناله إلا الضعفاء وترعرعنا على حب الفوز والأخذ وكثرة الكسب، حتى باتت الخسارة في نظرنا تعني النهاية وأصبحنا مع الوقت نُمرن أنفسنا ونُهذب أذهاننا لنتعلم مع الوقت أن الخسارة كثيرًا ما تكون مكسباً وتكاد تكون هي البداية. ولا شك أن الخسارة تُعتبر من أسوأ الأشياء التي قد يتعرض إليها الشخص، فهي كثيراً ما تُولد آثاراً سلبيةً عميقةً على نفسية الإنسان، ولكن ليس كل الخسارات كذلك، فهناك الكثير من الخسارات التي تُولد الطاقة الإيجابية في الفرد مثل خسارة رفاق المصلحة أو السوء وخسارة السلوكيات السيئة بل وأيضاً خسارة الوزن المُرهق صحياً لصاحبه فالخسارة تتشعب في الكثير من الاتجاهات والطرق. الخسارة إذاً بأنواعها المتعددة أمر محتومٌ في الحياة، فمن لا يخسر لا يكسب ومن لم يجربها لم يعش التجربة، وكثير من الناس تحزن لخسارة المال وترثي نفسها لأجله وآخرون يحزنون لخسارة أبنائهم، بينما يبكي آخر خسارة حبه الضائع وهنا نجد أنها تختلف باختلاف ما يحدث مع البشر، ولأن الربح والخسارة متلازمان ومتساويان ماديًا في كفتي الميزان لكن تبقى النفس الرابحة لا تتساوى مع النفس الخاسرة، والنفس الخاسرة في دورة الربح والخسارة تبلع الخسارة بروحٍ من الواقعية. والخسارة أيضاً لا تقع صدفةً فلا صدفة في الحياة وإنما كل شيءٍ بقدر، فشعورها غير مريح وطعمها غير مستساغ، وما من أحد أصابته خسارة ما في جولةٍ من جولات حياته أو منافسةٍ من منافساته إلا وشعر بمرارتها بدرجةٍ ما، وربما زادته تلك المرارة ألماً وحزناً بحكم الفطرة البشرية، وربما أيضاً تبعتها كآبة وشعور بالإحباط لحينٍ من الدهر قد يطول أو يقصر بحسب قوة صبر وتحمّل الشخص وفهمه لطبيعة الأمور وحقائق الحياة. إذاً الخسارة لا تعني العيش في دوامةٍ من الأخطاء المتكررة أو تبقى حالةً مستمرةً من التعثر والسقوط والأهم هو أن ما نتعرض له من مواقفَ وانتكاساتٍ وخسائرَ وهزائمَ يجب ألا تُوقفنا وتؤخرنا عن مسيرة الحياة، لأن الخاسر الأكبر في تلك الحالة هو من يتقبلها كحالةٍ مستمرةٍ ودائمةٍ بل ويخضع لها، فلنقلب خسائرنا لمكاسبَ نتكئ عليها فيما بقي من العمر. أخيراً: وكما كتبت «أحلام مستغانمي» ثمةُ خساراتٍ كبيرة إلى حد لا خسارةَ بعدها تستحق الحزن.