10 سبتمبر 2025

تسجيل

‏( Clubhouse ) الجزيرة الجديدة

02 مارس 2021

ما فتئت الأنظمة التي تتحسس فيها بعض أجهزتها المسدس بشكل دائم تحاول التخلص من الصداع الذي جاء به تويتر، حتى ظهر لهم تطبيق جديد هو (Clubhouse)، وهو تطبيق انطلق في أبريل عام 2020، ويوفر التطبيق خاصية إقامة غرف المحادثة العلنية التي يمكن خلالها لشخص ما أو أكثر إقامة ندوة صوتية بحضور بعض المشاركين، ويمكن لكل المشتركين في التطبيق الدخول للاستماع للنقاش وربما المشاركة إن سمح لهم مدير الجلسة بذلك. التطبيق بدأ في النمو بشكل سريع ووصلت قيمته عشرة ملايين دولار، ولكن مع استثمار شركة أندرسن هورويتز فيه بقيمة 12 مليون دولار ارتفعت قيمته وتصاعدت، إلا أن فبراير من العام 2021 كان هو عام التحدي الحقيقي، فقد قام رجل الأعمال إيلون ماسك بقبول دعوة لحضور جلسة نقاشية فيه، وغرد عن التطبيق، الأمر الذي جعله ينتشر بشكل كبير يصل في بعض الدول للتطبيق الأكثر تنزيلاً، ودفع دولاً لم تكن تمنعه مثل الصين إلى القيام بمنعه. مشكلة التطبيق أنه يشكل ثورة جديدة في الندوات العامة، سواء كانت تلك التي تطرح مواضيع ذات قيمة حقيقية، أو تلك التي بها جلسات ترفيهية خفيفة، من السياسة للاقتصاد للرياضة إلى اللاشيء، هذا هو التطبيق الذي قد يشكل لكثير من أنظمة العالم صداعاً حقيقياً، لأنه لم يعد كما تويتر يمنح الناس مساحة للتعبير بالكتابة، بل بالصوت أيضا، والصوت أكثر رعباً. كما كانت الجزيرة في منتصف التسعينيات ثورة في الإعلام العربي، فإن تطبيق (Clubhouse) سيكون ثورة حقيقية في العالم وخاصة الوطن العربي، لأنه سيمنح الكثير من الناس القدرة على إقامة الندوات والمجالس والحوارات بحضور الآلاف دون أي تكلفة، بل على العكس، وسيكون له تأثير أكبر بكثير من أي ندوة حية، نظراً لأن كثيرا مما يقال في الجلسات يعاد نشره على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. التطبيق متوفر حالياً على متجر أبل فقط، وسيتوفر قريبا على الأندرويد، وعندها سيشكل ثورة صوتية هائلة إذا ما علمنا أن معظم مستخدمي نظام الأندرويد حول العالم هم من الطبقة المتوسطة والدنيا، وهو ما سيجعل لها صوتاً قوياً حاضراً في التطبيق، يلغي النخبوية، ويحوله لتطبيق شعبي بامتياز. التطبيق خلال شهر واحد وصلت قيمته السوقية لأكثر من مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل لأكثر من ذلك مع فتح باب التسجيل (المقيد حالياً بالدعوات) ومع زيادة قدرة الملاك على تسويقه والإعلان عنه. في العالم هناك دعوات متعددة حول التطبيق، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تحاول شركات عدة مثل تويتر الاستفادة من التجربة وطرح نفس الفكرة على تويتر، مما سيشكل أزمة إضافية للأنظمة القمعية التي تخشى أي رأي آخر، وفي دول مثل الصين تم حظر التطبيق، ومن المتوقع أن تتبعها دول أخرى قريباً، وفي دول ثالثة بدأ التشويش على التطبيق كمرحلة أولى لحين دراسته وإمكانية السيطرة على محتواه وأصبح الدخول له بدون برامج في بي إن مستحيلاً. في الوطن العربي بدأ البعض يطالب بضمه لقوانين العقوبات والجرائم الإلكترونية، وكأن ما لدينا من قوانين تقمع الحريات غير كافية. السؤال الذي يشغلني ليس هو ما يشغل رجل الأمن حول كيفية السيطرة على التطبيق، وليس هو الذي يفكر فيه السياسي حول نوع الحوار الذي قد يحدث في التطبيق ونتائجه، وليس هو الذي يشغل المستخدم العادي وخوفه من حظر التطبيق وكيفية الوصول إليه، السؤال الذي يشغلني هو: لماذا تخاف الأنظمة العربية من هذه التطبيقات؟ لماذا لا تبادر هي بإنشاء مثل هذه التطبيقات؟ الاستحواذ عليها وتطويرها؟ لماذا نسمح للغرب بأن يصدر لنا أدوات القمع وأدوات محاربتها وأدوات السيطرة عليها وأدوات الالتفاف عليها ومن ثم نقف في حالة الصراع الدائم مع المواطن حول ما يجب أن يستخدمه من عدمه. الصين منعت كل التطبيقات العالمية: فيسبوك، يوتيوب، إنستغرام، واتساب، تويتر والآن ( Clubhouse) ومع ذلك يعتبر الشعب الصيني من أكبر المستخدمين لهذه التطبيقات عبر برامج وسيطة هي في الحقيقة أخطر من ناحية الأمان من محتوى هذه التطبيقات، تدفع الصين (وهذا ما قد تفعله دول عربية) مواطنيها لتعريض بياناتهم لخطر الاختراق عبر استخدام في بي إن للوصول لهذه التطبيقات بدلا من فتحها والتماهي مع التطور القادم لا محالة، التكنولوجي والفكري. الأفكار ستتطور، وسنصل لمراحل أكثر تقدماً، وسنظل نسأل: ماذا بعد؟، وحتى يجد رجل الأمن القمعي الإجابة، استمتع عزيزي المواطن العربي بكل أدوات الغرب التي تساعدك على قول رأيك ووصول صداه لمن لا يتحمل صداع الحرية والرأي الآخر. ‏[email protected]