11 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ أن بررت صحيفة الشرق الأوسط السعودية والصادرة من العاصمة البريطانية لندن انهيار المفاوضات القطرية السعودية بأن السبب يعود إلى قطر وأنا على يقين أن الرياض حاولت قدر المستطاع في هذه المباحثات شبه الرسمية التي تم الإعلان عنها باستحياء وسط تكتم شديد عما جرى خلالها من مناقشات حول الأسس التي من الممكن أن يقوم عليها الصلح بين البلدين، أن تفرض رغباتها وطلباتها التي تجعلها تخرج ببياض الوجه أمام شعبها الذي دأب بصورة طفولية على التأكيد بأن حل الأزمة الخليجية سيكون في العاصمة السعودية الرياض، وكأن الخلاف الذي قامت على إثره هذه الأزمة مجرد ( زعل ) ينتهي بمجرد أن يقبّل ( الصغير ) رأس ( الكبير ) وليس بالصورة التي حاولت دول الحصار وعلى رأسها السعودية أن تمس سيادة دولة قطر بالشكل الذي رفضته الدوحة واستمرت على مبدأ أنها دولة لا تتبع أحداً، ولا تقبل أن تسير على توجيهات أحد، وأن لها سيادة مستقلة محفوظة وترفض أن يتدخل أحد في شؤونها الداخلية، كما أن سياستها قائمة أيضا على ألا تتدخل هي في شؤون أي دولة مجاورة من دول المنطقة، وعليه سارت الدوحة على هذا المبدأ الذي لا يبدو أن الرياض كانت متأكدة منه رغم مطالبها الثلاثة عشر التي قدمتها مع أبوظبي والمنامة والقاهرة في بداية الحصار إلى قطر وتجاهلت الأخيرة هذه المطالب في تأكيد على أن الشيء الذي تراه قطر يتدخل في خطوط الطول والعرض لبلادها لا يستحق أن تعطي فيه رأيا وإنما تقطع دابره إما بالتجاهل وكأن لم يكن أو بالتصريح بأن هذه المطالب إنما كانت سقطة من دول من المفترض أنها تحترم سيادتها الوطنية تجاه دولة تقدس سيادتها وحريتها واستقلالها في الرأي والتصرف كما تراه هي وليس كما يراه الآخرون لها، ولذا فالرياض حاولت لربما أن تمارس سلطتها التي كانت تتمتع بها كدولة تحتضن الحرمين الشريفين أولا ثم الأكبر مساحة والأكثر ثقلا لكن الأمور لم تسر كما حلمت ورغبت بها ( الشقيقة الكبرى ) واعتقدت أن ( الطيبة القطرية ) ستترك قطر كما كانت قبل الخامس من يونيو 2017 ولن نتعلم درسا كالذي تعلمناه في فجر يوم رمضاني من المفترض لأي مسلم على وجه الكرة الأرضية أن يكون فجراً آمنا مأمون الجانب مستأمن الأرض والعرض، لتكتشف بعدها أن اتفاق الصلح الذي تراه الدوحة مختلف تماما عن الأجندة التي قامت عليها خطة الرياض في الصلح مع قطر وأن الأمر لن يتعدَ سقف ( الإملاءات ) وتعود الأمور كما يجب وكفى الله الخليجيين شر الأزمات والمقاطعة والحصار !. ورغم أن هذا كله يبدو اجتهادا شخصيا مني في تحليل المعطيات التي تظهر كل يوم من خلال الإعلام السعودي الذي هدأ في فترة هذه المباحثات غير المعلنة في فحواها ثم عاد أشد ضراوة وأكثر هجوما ومجندا كل بوق له ليخرج حقده على قطر بالصورة التي نأسف لها ومن هذه الأبواق ( شيوخ الدين ) الذين كنا نصلي ونصوم ونتعبد ونتصدق ونرسم لحياتنا منهاجا وفق الدين والشرع على فتواهم، ليصبحوا اليوم جندا من جنود هذا الإعلام الذي وهب كل برامجه وأمواله وخططه وأتباعه ومنتسبيه ونشرات أخباره لمهاجمة قطر صحبة القضية الصغيرة جدا جدا جدا ولعل آخرهم هو ( صالح المغامسي ) الذي خرج منذ يومين بمقطع مصور يتحدث عن أمنيته بأن تستطيع الدوحة في يوم من الأيام أن تنجب ( رجلا حقيقيا ) يخلص البلاد والعباد من شر مستطير في الدوحة ! هل يعقل هذا ؟!.. شخصيا أصبح كل شيء معقولا في زمن بات الأخ عدوا لأخيه وعودوا لتاريخ الخليج لتعرفوا كيف كنا أخوة وكم برعوا في تمثيل دور الأخوة !. [email protected]