27 أكتوبر 2025
تسجيلقطر في مقدمة دول المنطقة التي نبهت إلى تنامي الفساد في أجهزة الدولة ومؤسساتها، ومع بداية الطفرة كانت هناك بساطة في التعامل، وغفلة عما يمكن أن يحدث لو زادت الأموال وتحول الناس الطيبون إلى ذئاب تنهش في الأخضر واليابس، وهو ما حدث حين تحولت مجتعاتنا الآمنة إلى بؤر للصراعات لمن يكسب أكثر بالطرق غير النزيهة والملتوية، حتى دخولنا معترك النهضة والتنمية التي احتاجت إلى مراقبين يحدون من عناصر الكسب غير الشريف الذين نهلوا من خزائن الدولة دون رادع أو ضمير. هذا ما دفع سمو الأمير الوالد "حفظه الله" إلى التصدي لهذه الآفة إبان حكمه الراشد، فأعطى تعليماته للعمل على مكافحة الفساد، وكانت لسموه مقولة عميقة في تفسير الوضع، حيث قال حينها "إننا نعرف ونعلم أنه لدينا مشكلات سواء في الفساد أو غيره، ولكن يجب ألا نضع رؤوسنا في الرمال"، هذا المبدأ هو الذي خطه سموه بإيمان صادق ونقله إلى الأجيال الجديدة بقيادة أميرنا المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي يعمل على مواجهة تلك المشكلات وبقوة. ندوة "دور محاربة الفساد في محاربة الإرهاب"، التي نظمها مركز حكم القانون ومكافحة الفساد، التي افتتحها د.علي المري النائب العام القطري في الدوحة أمس الأول، وضعت المؤشر على الجرح، ما يعظم دور الدولة ومؤسساتها ودور المجتمع المدني في تعرية الفاسدين لحماية النزاهة ومحاربة الفساد، مع الاعتبار بشدة لما للنزاهة من دور في انتشار العدل وقمع الظلم، وتضييق جوانب الفساد وسد الثغرات بالحد من انتشاره ودرء طرقه الخفية ومحاربتها. ما قاله سعادة النائب العام في افتتاح الندوة لم يكن بعيدا عن الواقع المؤلم، والذي نذر نفسه مدافعا ومتربصا له ولكل أشكال الفساد، تدفعه المسؤولية الملقاة على عاتقه في رئاسة مجلس أمناء مركز حكم القانون وكونه المحامي الخاص للأمم المتحدة لمحاربة الفساد، حيث كان محقا بقوله "إنّ الكثير من الشباب وجدوا أنفسهم طعماً، وصيداً سهلاً للمنظمات الإجرامية، التي تسعى لتمويل جيوشها من الشباب، وهؤلاء شباب نفروا من أوطانهم ومن معاناتهم من الكبت والظلم والفساد المطلق باحثين عن العدالة الاجتماعية" وطالب بدراسة الأسباب التي حدت بالشباب إلى سلوك هذا المسلك. نريد من خلاصة هذه الندوة إسقاط الأهداف المرسومة إلى فعل واقع بين مجتمعنا الآمن، نريد أن ننبه الموظف وهو على كرسي المسؤولية معنى تفعيل دوره في ما يعود على وطنه بالأمن والاستقرار، نريد أن نشحذ الهمم على تطبيق استراتيجية التطوير، والتي تهدف إلى رفع كفاءة أصحاب المناصب الحساسة العالية وتهيئتهم لزرع الوازع الوطني في أنفسهم ليكونوا للفاسدين ظهيرا. نريد أن يكون لجهاز القضاء كلمته وهيبته وفاعليته في كشف المفسدين ومعاقبتهم بأشد العقوبات الرادعة، وذلك من خلال خطة معدة مسبقاً، واستخدام كافة الإمكانات المتاحة لاستخدامها لتطوير القضاء. نريد حملة توعيه كي يحمل المواطن الأمانة الملقاة على عاتقهم جميعا واستشعار المسؤولية الملقاة في إيصال الحقوق لأصحابها والوصول إلى تحقيق العادلة الناجزة في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومحاربة جرائم الوظيفة العامة والعدوان على المال العام. وسلامتكم