18 سبتمبر 2025
تسجيل* تقدم وتميز الحاضر، وجمال ونجاح لمستقبل لا يكون ويتحقق إلا بامتداد لما كان عليه في الماضي. والتاريخ بسنواته وأرقامه وأحداثه.. سجل يدون في كتب ومجلدات وفي برامج وثائقية وفي أفلام ومسلسلات.. وأصبح مادة دسمة يسعى كثيرون للحديث عنه في برامج التواصل الاجتماعي وغيره من برامج متلفزة. * ليصبح الماضي أساسا ومادة ثرية لكثير من الاحتفالات والمناسبات شكلا ومضمونا وقيما وحوارا وصورا. وعندما نتحدث عن الماضي وعن التاريخ ؛ فكل إنسان له سجل خاص به يبدأ من تاريخ ولادته ومرورا بسنوات عمره ودراسته ومراحل عمره وعمله ونجاحه وزواجه.. وما يحمله من ذكريات وصور ومواقف.. ليكون له ماضٍ وله أرشيف وذكريات. * وإذا تحدثنا عن مؤسسات وهيئات حكومية أو خاصة، يفترض إن لها تاريخا يبدأ بالتأسيس، وقرارات ترافق مراحل وسنوات مختلفة، لأسماء أصحاب مناصب ووزراء تناوبوا على كرسي الوزارة والمؤسسة، ودخلوا من باب وخرجوا من باب.. ليكون تاريخا يذكره البعض بخير وسمعة، وذكر طيب وهو ما يبقى حاضرا ومستقبلا لأصحاب كراسي لم تدم لأحد..! * كل ما ينجز ويكون، وكل مستند، وكل كتاب وقصاصات وأوراق.. وتقارير وشهادات وتحقيقات صحفية ولقاءات ووثائق.. وصور وفيديوهات وتسجيلات وسجلات وهدايا وتذكارات وغيرها من مقتنيات من المهم أن تشكل لجانا تعتني بتوثيق كل ذلك.. * فوجود الأرشيف اليدوي أو الالكتروني مهم، ووجود متاحف مصغرة تضم كل ذلك مهم، ومن المهم الإيمان بأهمية كل ذلك بنظرة مستقبلية توثق وتكون تراثا وتاريخا ودليلا يستند ويقف عليه.. * كم من دول ومؤسسات حديثة؛ لا تاريخ ولا بطولات، ولا مواقف ولا وثائق، ولا مستندات، ولا تراث تاريخي حقيقي وصادق تقف عليه.. ! تسعى وتحرص أن توجد مؤلفين مدفوعا لهم لتكتب وتوثق لها تاريخا !.. أصبح من السهل دخول المزادات واقتناء آثار وتحف لتكون إرثا مزيفا نسب لهم! كم من عروض مالية ضخمة تقدم لأصحاب المقتنيات الثمينة لاقتنائه ولكنهم يرفضون، فالتاريخ لا يقدر بثمن.. وإن قام البعض بعرض مقتنيات في مزادات لانه لا يقدر قيمة ما ورثه ! * الإيمان بأهمية التاريخ وأهمية المتاحف وأهمية المكتبات وما تحتويه من مقتنيات نادرة.. يكون بالاهتمام بتوثيق المستندات والصحف والمجلات وغيرها من أخبار سيأتي يوما للبحث عنها، فعندما تسعى المتاحف لاقتناء النوادر من الكتب والسجلات والمخطوطات ؛ ليكون ذلك بالاهتمام لأن يكون للجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية والخاصة اهتمام واعتناء بتوثيق كل ذلك.. وعلم يدرس ويعلم ويدرب عليه أشخاص للقيام بالمهمة تلك.. فمثل هذه المستندات والوثائق والتقارير تتضمن بيانات وأرقاما، من المهم تسجيل وإصدار الاحصاءات سنويا من كل مؤسسات الدولة، ومعها يتم توثيقها مرجعا مهما للباحثين والمهتمين والاستناد اليها مستقبلا.. فمن المهم توثيق وتحميل الوثائق والاوراق والمستندات الكترونيا.. وتكون ضمن رابط مكتبة قطر الوطنية الغنية بمراجعها ووثائقها النادرة. * نحزن عندما يستهين البعض بمقتنيات وأرشيف مؤسسات مهمة ولا يملك احساسا وأهمية لقيمتها المعنوية، ويقوم بسهولة بإتلافها وحرقها وتدميرها والتخلص منها.. وكأنها تشكل عبئا عليهم ! * آخر جرة قلم: تكرار كلمة "الإرث" من قبل الكثيرين.. من أساتذة ومسؤولين.. والتي رافقت بطولة كأس العالم قطر 2022 وأصبحت مرادفة للجنة المشاريع والإرث. فالإرث الحقيقي إلى جانب ما تم انشاؤه من بنى تحتية، ومن مبانٍ ضخمة، ومن طرق ومن ملاعب عالمية، ومن إرث إعادة استخدامها لدول أخرى.. من المهم تعزيز مفهوم الإرث ليكون مرادفا للمباني القديمة من قصور وبيوت ومن طرق ومبانٍ.. ومساجد.. وكذلك إرث للبيانات والسجلات وتاريخ يعزز مفاهيم وقيما وصورة أصيلة للمجتمع. من لا يوجد ماض له.. لا حاضر ولا مستقبل يتباهى به.. ولا يقف عليه واثقا وقويا ؛ يباهي أمما زورت تاريخا.. لتجعل لها أرشيفًا ومؤلفات وسجلات وإرثا عمرانيا وأدبيا مزيفا استنسخته لتتباهى به.. أصبح سهلا تزييف التاريخ وتزويره.. واقتناء وشراء تاريخ مزادات !