15 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن غريباً علي وعلى العالم بأسره أن تمد قطر يدها من جديد لقطاع غزة، فهذا الأمر قد انتهجته حكومة قطر منذ إقامة الحصار الجائر على هذا القطاع عام 2007، ومحاولة عزله عن باقي الأراضي الفلسطينية الخاضعة لحكم السلطة الفلسطينية، حيث وجه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله بتقديم منحة مالية بقيمة 360 مليون دولار لشعب غزة لإعانة القطاع على صعوبة الحياة التي تقسو على هذا الشعب المغيب تماماً من خريطة الاهتمام العربية، لا سيما وأن هناك كثيراً من الحكومات العربية التي باتت ترى في غزة الشوكة التي تقف أمام التطبيع الكامل مع إسرائيل، باعتبار أن ما تقوم به غزة اليوم بشعبها الذي يدفع بظلم الاحتلال الإسرائيلي عنها هو أمر ينافي ما يقوم عليه سلام هؤلاء مع إسرائيل، وتراه قطر ولعلها الوحيدة التي ترى هذا مقاومة شرعية لمحتل يقضي على موروث فلسطين العربي ويريد من هذه الأرض أن تكون له فقط منافياً قرار حل الدولتين واعتبار القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين التي تتقلص مساحاتها جراء عمليات الاستيطان غير المشروعة التي تقوم بها إسرائيل وتشجعها عليه بعض الحكومات التي تجهض الحق الفلسطيني في مقاومة هذا الاحتلال بكل صوره وأشكاله. اليوم تسجل الدوحة موقفاً عربياً مسلماً فريداً ونادراً، لأن الفلسطينيين اليوم يعلمون جيداً من الذي يقف بجوارهم، ومن الذي اصطف بجانب عدوهم ضدهم، ويعلمون جيداً أن الدوحة متيقنة أن وقوفها معهم إنما هو وقوف مع الحق، والهبة القطرية هذه إنما تأتي ضمن سلسلة مساعدات قطرية مستمرة لتشغيل محطات الكهرباء في القطاع، ودفع رواتب العاملين الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل في استلام رواتبهم بصورة منتظمة ومنح الأسر المتعففة ما يعينهم على دفع قسوة حياتهم، وكلها أمور دأبت الدوحة منذ سنوات على فعلها رغم أن هذه السياسة القطرية لا تلقى إعجاباً من حكومات مناوئة للحق الفلسطيني المتمثل في إنعاش قطاع غزة، لكن قطر تعرف كيف تمسك عصا السياسة من المنتصف، وتعلم بأن جهودها التي كانت في تحقيق الصلح بين الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا فتح وحماس يمكن أن تنجح يوما وإن تأخرت هذه الخطوة التي كانت على مقربة من نجاحها يوما من الأيام وفعلتها الدوحة فعلا عام 2016 حينما جمعت ممثلي فتح وحماس في العاصمة القطرية الدوحة وآلفت بين القلوب آنذاك في خطوة أشادت بها وسائل إعلام فلسطينية وعربية ووصفها مراقبون بأن الدوحة قد حققت المستحيل بعينه. يعد تحقيق هذه المصالحة التي وإن لم يكتب لها الله الاستمرار لتخالف المصالح والأهداف والنظر للسلام مع إسرائيل بحسب رؤية كل طرف إليه وبالمعايير التي تراها السلطة وتختلف تماما عن معايير باقي الفصائل لكن يبقى الموقف الأكثر ثباتا هو أن هناك قضية فلسطينية عربية ثابتة، ويجب أن تبقى قضية كل العرب في وقت قد تختلف الأولويات لديهم، وهذا ما تزال الدوحة تؤمن به وتتمسك بنواصيه في أن فلسطين قضية وهي الطرف الأضعف والمعتدى عليه أمام طرف يمثل احتلالاً صريحاً وطرفاً معتدياً بكل المقاييس، ولعل هذا هو أكثر ما تواجهه قطر في مواقفها الرسمية وعلى المنصات الدولية في أحقية الفلسطينيين بأرضهم طال الزمن أم قصر وهو موقف ثابت لن تتزحزح عنه الدوحة باعتبار أن المواقف إنما تترجم مبادئ الدول ودولة قطر تحترم مبادئها بالصورة التي تفرض احترامها على العالم، ولذا فهي منصة سلام لكل المتخاصمين والمختلفين وملاذ رحمة لكل لاجئ ومحتاج، وهذا فضل الله عليها بأن تكون قبلة وكعبة لكل مظلوم ومضيوم.. الحمد لله. @[email protected] @ebtesam777