10 ديسمبر 2025
تسجيلهل يسقط البشير؟ توجهت بهذا السؤال لأحد الأخوة السودانيين معي في العمل وقال جازماً: لا !، ولم يعط إجابته الحازمة والمقتضبة هذه حباً في عمر البشير الذي لم ألتق بأحد يحبه، ولكن لأن الأمن الذي يدين للبشير بالولاء والطاعة يمسك البلاد بيد من حديد وهو يتدرج في مستوياته الأمنية، ولذا فالبشير متحكم بمخارج ومداخل السودان الأمنية وقنواته من الهرم إلى القاع، ولذا فإن من وجهة نظر هذا (الزول) الطيب أن ثورة هذا الشعب لا يمكن أن تنجح ما لم يصطف العسكر بجانبه وحول وجهة أسلحته إلى النظام وليس إلى صدور الأبرياء منهم، فهل يعول هؤلاء الثوار على ثورتهم التي يمكن أن تموت في المهد أم أن الثورة الحقيقية لم تبدأ بعد ؟!، وهل يمكن الاقتناع بما يعد به البشير من إصلاحات داخلية ودعوة المعارضة للحوار الذي يمكن أن يصل بالبلاد إلى بر الأمان ؟!، ومن المضحك أن عمر البشير الذي تغلي بلاده من كل هذه الاحتجاجات والمظاهرات دعا في كلمة له الدول العربية إلى إعادة احتضان سوريا للعودة إلى الجامعة العربية وإعادة العلاقات الدبلوماسية معها لا سيما بعد قيام دولة الإمارات بإعادة هذه العلاقات مع نظام بشار وافتتاح سفارتها في دمشق ورفع علم الإمارات بحضور جمهور غفير من شخصيات سورية وعربية احتفت بهذه المناسبة !، فهل كان البشير بهذه (الفضاوة) ليهمل ما يدور على أرض وطنه ويلتفت لهذه الدعوة التي تجاهلت قتل مليون سوري على يد هذا النظام الفاشي وتهجير ما يزيد على 12 مليون مواطن تشتتوا وهاجروا تاركين بيوتهم وأموالهم وأهلهم ورموا أنفسهم إلى لهيب الهجرة والغربة هرباً من جحيم بشار وشبيحته؟!، إلى ماذا يدعو البشير وهو الذي رأى من قتل قوات الأمن لديه لأفراد من شعبه المتظاهرين بأنه عبارة عن (قصاص) مستدلاً بالآية الكريمة (ولكم في القصاص حياة) ؟!، وهي العبارة التي أدانته أكثر ورأت أن ذلك يعد من الوحشية التي قام عليها نظام البشير متماشياً على خط واحد مع نظام بشار!، فهل يسير البشير على خطى من كان أول رئيس عربي يزوره وهو بشار الأسد وأخذه بالأحضان ويختتمها اليوم بمبادرته الفارغة بإعادة سوريا الأسد إلى ما سماه البشير بالحضن العربي وكأن العرب من الأساس يعيشون في أجواء تلك الحميمية والأخوة التي يريد هذا البشر تصويرها لنا ؟!. عموماً نحن بأي حال من الأحوال نتمنى للسودان الشقيق السلام والسلامة ولا نرجو لأرضه التي تعرضت لثورات عظيمة ضد نظامي النميري وعبود الديكتاتوريين أن تتعرض اليوم لثورة مماثلة يسقط على إثرها قتلى وجرحى تروي أرض هذه البلاد التي تعرضت للتقسيم والانفصال وأصبح الجنوب دولة ثانية رغم أن التراب سوداني والنيل الجميل يجري من وسط هذين البلدين المنشقين لنصفين للأسف، لا نرجو سوى أن يجد السودانيون غايتهم التي ترمي لمصلحة البلاد والعباد وألا يبحث أي حزب فيهم عن منافعه الخاصة التي عادة ما تطفو على السطح بعد مرور الموجة العاتية التي تكاد تغرق الجميع، أما بشأن سوريا فلن نكون مثل الرياض على لسان ( جبيرها المتلعثم ) الذي قال يوماً أن لا مستقبل لسوريا بوجود بشار ثم اختتمها بكلمة ( بتشوف ) وما نقوله أن الإنسان السوري لم يكن يستحق القتل والتشريد والفقر والحاجة لأننا نؤمن بأن الشعوب هي من تصنع العروش وتمد حكوماتها بالعمل الذي يجب أن يليق بخدمتها ولا يمكن لقطر أن تتجاهل كل هذه المجازر وتلك العنجهية التي بات عليها نظام بشار الذي أصبح اليوم يستقبل الوفود العربية وإعلاء أعلامها على سفاراتها بوسط دمشق، فالإنسان يمثل الركيزة الأهم في العلاقات الرسمية لدى قطر ولا أظن أن الدوحة يمكنها فعلاً أن تغض الطرف عن كل هذا، أما البشير فحين يخلو من مشاكله الداخلية له أن يلتفت لمشاكل الأمة وإن كان قد تغاضى عن آلام ودماء شعب سوريا، فليس الجميع يملك هذا الحس البارد نفسه، كما أن الحضن العربي لا يبدو بذلك الدفء الذي صوره البشير مقارنة بدفء إيران وروسيا الذي يشعر به بشار أكثر الآن !. فاصلة أخيرة: باب النجار مخلوع !. [email protected]