17 سبتمبر 2025
تسجيلتميز الاقتصاد العالمي منذ عام 2010 بانخفاض معدلات النمو ، إذ بلغ هذا المعدل في العام المذكور نحو 4.2% لينخفض في عام 2011 إلى 3% ثم إلى 2.5% في عام 2012 بفضل الركود الذي أصاب دول منطقة اليورو واليابان ... وظل معدل النمو العالمي حول 2.6% حتى نوفمبر من عام 2013، مع توقعات بتزايد معدلات هذا النمو في ديسمبر من ذات العام وذلك بالنظر لارتفاع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 19% ليبلغ أكثر من 16000 نقطة، مواكباً لارتفاع معدلات الفائدة على السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات بواقع 120 نقطة أساس وكذا ارتفاع سعر الفائدة على السندات الألمانية بواقع 40 نقطة ، مع استقرار أسعار الفائدة بالبنوك حول صفر% في أغلب الأسواق العالمية وخاصة المتقدمة منها واستمرار تلك المعطيات طوال عام 2014.ويرى الكثير من الخبراء والمحللين أن استقرار معدلات النمو الاقتصادي العالمي في العام الجديد ينجم عن تضاؤل حالات وعوامل القلق والمخاطر التي أثرت سلباً على مؤشرات هذا الاقتصاد في عام 2013، وفى مقدمتها حالة عدم اليقين المرتبطة بالأوضاع المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وضخامة أزمة المديونية في دول منطقة اليورو، بالإضافة إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في الصين، وإلى الاضطرابات وحالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ... وتنجم كذلك من ظهور بعض النتائج الاقتصادية الإيجابية الناتجة عن تطبيق العديد من الاقتصادات المتقدمة لحزم التحفيز النقدي خلال العام الماضي.وتتوقع أحدث التقارير التي أصدرتها مؤسسة "IHS " الأمريكية لنظم المعلومات والأبحاث الاقتصادية أن يشهد الاقتصاد الأمريكي انتعاشاً تدريجياً في عام 2014 بعد انقشاع حالة عدم اليقين بشأن الهاوية المالية التي حدثت في 2013، و تزايد الإنفاق الاستهلاكي بالبلاد والذي أصبح أكثر إيجابية مع توقعات بتزايد معدلات الإنفاق الحكومي، كما بدأت أخيرا بشائر الأمل والرواج تظهر على قطاع الإسكان في ظل توقعات عديدة باستمرار تحسنه في العام الجديد، ومواكباً لذلك زيادة الصادرات الأمريكية وانخفاض بمعدلات البطالة إلى 7% وخلق الآف الوظائف الجديدة وارتفاع مؤشرات البورصة وسوق المال، مع ضرورة الإدراك بأن نمو وانتعاش الصادرات الأمريكية إنما يرتبط بزيادة معدلات النمو الاقتصادي العالمي ومدى انتعاشة.ويؤكد فريق من الخبراء أن النمو الاقتصادي الأوروبي سيكون بالضرورة أضعف من النمو الأمريكي، على الرغم من السياسات الفاعلة التى طرحها وطبقها البنك المركزي الأوروبي وبعض الحكومات الأوروبية في العام الماضي وكان لها فضل كبير في خفض درجة المخاطر المالية المرتبطة بأزمة الديون السيادية في دول منطقة اليورو، وإن استمرت مشكلة الركود الاقتصادي في عدد من دول جنوب أوروبا خلال عام 2014 بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة ، بما يزيد من التكهنات والتوقعات بانكماش النمو الاقتصادي لدول منطقة اليورو هذا العام بحوالي 0.2%.وبالنسبة للصين التي يحتل اقتصادها المرتبة الثانية من حيث القوة على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية فهناك بعض من المؤشرات والدلائل على انتعاش اقتصادها وزيادة معدل نموها في عام 2014 والذي سبق وأن انخفض من 10% في عام 2010 إلى أقل من 7.5% في عام 2012، وذلك بفضل تحسن معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة واليابان وعدد من الدول الأسيوية بسبب نمو وزيادة الصادرات بهذه الدول، بما سيؤدى إلى ارتفاع معدلات النمو بالصين إلى حوالي 8% ... مع زيادة متوقعة لمعدل النمو في اليابان ثالث أقوى اقتصادات العالم إلى نحو 2%.أما عن التوقعات الاقتصادية لدول الأسواق الناشئة فإنها ستكون أكثر إشراقا في العام الجديد، وفي مقدمتها دول الآسيان معززة بزيادة معدلات الطلب المحلي وإعلان بعض حكوماتها عن خطط إضافية وبرامج للتحفيز المالي، وفي ظل توقعات قوية بثبات نسبي لأسعار السلع والمنتجات والخدمات في عام 2014 على ما كانت عليه في العام الماضي الذي خيمت عليه حالات من الركود الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والعديد من الدول الأوروبية وخاصة دول جنوب القارة، بالإضافة إلى خفض معدلات النمو في الصين، بما انعكس سلباً على اقتصادات هذه الدول الناشئة خلال عام 2013 وخاصة في الربع الأخير من العام مع تزايد الحديث حول احتمالية خفض البنك المركزي الأمريكي لبرامج التيسير الكمي.وعن تأثير الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذا تأثير الاتفاق بين الدول الغربية المعروفة باسم "5+1" وإيران حول إيقاف العمل ببرنامجها النووي على الاقتصاد العالمي ... وتأثير كل من زيادة معدلات البطالة وانخفاض معدلات التضخم على الاقتصاد الدولي، ودور البنوك المركزية في تفادي حدوث انكماش مالي واقتصادي في العام الجديد، فهذا ما سوف نتناوله بالشرح والتحليل الأربعاء القادم.