17 سبتمبر 2025
تسجيلبداية أعترف أننى – مثل ملايين البشر – من محبى الفيسبوك لفوائده العديدة فى ربط الناس ببعضها البعض مهما تباعدت المسافات .. ومن ضمن الأصدقاء الذين استمرت علاقتى بهم الأخ حسين حرفوش والذى لا يقبل بأن يُكنى بأى لقب إلا الشاعر .. هذا الشاعر الجميل أتابع أشعاره المتجددة دائما والتى تواكب الأحداث عن بعد حيث يعيش فى دولة قطر .. أتابع هذه القصائد – بشغف شديد – على الفيسبوك .. وقد صدر له مؤخرا ديوان جديد إختار له عنوان " إلى زهرة غاردينيا " وهو عنوان رائع حقا لأن زهرة الغاردينيا – لمن لا يعرف – من أجمل الزهور ولها عطر مميز لكونها من عائلة الياسمين حتى قيل أن رائحتها الخلابة تنشر الحب والتفاؤل حيثما وجدت .. وهى التى ذكرها نزار قبانى – شاعرى المحبب - عندما أراد وصف جمال محبوبته فى رائعته " نهر الأحزان " حيث يقول : هل أرحل عنك وقصتنا أحلى مـن عـودة نيسـان أحلى من زهرة غاردينيا فى عتمة شـعر أسـبانى هو عنوان موفق إذا أن يختاره الشاعر حسين حرفوش لديوانه الذى أهداه - كعادة الكُتاب الحميدة – لأولاده .. والأستاذة الدكتورة وضحى السويدى التى كتبت مقدمة جميلة للديوان ولكل من أحبه وآمن بشعره ووقف ملوحا له بابتسامته ليرى فيها جمال زهرة الغاردينيا .. أنا أرى أن هذا الإهداء لوحة فنية رائعة فى حد ذاته حيث يقف المحبون يلوحون بابتساماتهم عوضا عن أياديهم فى استخدام رائع مما عودنا عليه الشاعر دوما . أما المدخل فهو قطعة فنية أخرى شأن باقى القصائد التى سنأتى لها لاحقا حيث يرجو الشاعر – كشأن كل الشعراء – أن يلقى محبوبته فيكتب الحروف فى الليالى ويودعها " ضمير الرجاء " ويناجى الطيف ويدعو كى تستجيب السماء وهو يكتب فى كل صوب أحبك ليبنى بحبها جسر الدعاء .. هل هناك ما هو أبدع من هذه الصور الرائعة خاصة المتعلقة بضمير الرجاء وجسر الدعاء . جاء الكتاب فى تسعين صفحة من القطع المتوسط واحتوى على ثمان وثلاثين قصيدة وإن لم يكتب الناشر فهرسا وهو ما نرجو تلافيه فى الطبعات أو الكتب المقبلة .. وتراوحت القصائد بين الصفحة الواحدة والثلاث صفحات مما يشد القارئ للدخول إلى رحاب القصائد التالية . ومن بين هذه القصائد العديدة أختار لكم أعزائى القراء إحدى القصائد التى أعجبتنى لنبحر فيها سويا وهى قصيدة " وما زلت أبحث عنك ..!! " حيث يشبه الشاعر ذلك المحب بالذى يبحث عمن يحب فى كل ركن وكل وجه وكل مكان .. ما كل هذا الجمال .. ولا يكتفى الشاعر بذلك بل يشبهه أيضا بالطفل الذى يحن إلى صدر أمه ليجد الأمان فى أحضانها وضمة صدرها .. الله عليك أيها الشاعر الجميل . وفى قصيدة " لا شئ يشبهك الآن .. لا شئ ! " نجده يغالى – كما يفعل كل المحبين والشعراء – فى وصف محبوبته وتفردها فى عطرها وملامحها وابتسامتها وصمتها وهمساتها ولمساتها .. حتى أنه يرضى بكل ما يصدر عنها .. حتى وقت الغضب .. وهى صورة جميلة أحسن الشاعر تصويرها بسلاسة لا تجعل القارئ يشعر بالغرابة أو الإفتعال ولا أكون مغاليا لو أننى قلت أنها تعكس ما فى نفس كل العشاق والمحبين . ولا تقتصر قصائد الشاعر فى هذا الديوان على قصائد الحب والشوق والغزل بل نجده أيضا يكتب عن الحب الإلهى فى قصيدته " إبتهال روح " حيث يناجى الشاعر ربه فى كلمات متفردة راجيا سبحانه وتعالى أن يريح باله من الهم وروحه من الحزن وأن يمسح عنه تعب وغبار السنين . كل هذا جاء فى صور بديعة وتشبيهات بليغة أحيى الشاعر عليها وأدعو الجميع لقراءة هذا الديوان الرائع . ومع أنه لا يزال هناك الكثير والكثير مما يمكن أن يُقال فى قصائد هذا الديوان إلا أننى أكتفى بهذا القدر فى هذا المقال بسبب المساحة المتاحة على أمل أن نلتقى فى مقال قادم لنلقى المزيد من الضوء على قصائد أخرى من هذا الديوان أو أعمال أخرى للشاعر الجميل حسين حرفوش . وإلى اللقاء فى مقالنا القادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين E mail : [email protected]