31 أكتوبر 2025
تسجيلجاء طفلها الصغير الذي لم يتجاوز السابعة من عمره طالباً قطعة من الحلوى التي أمام ضيوفها من الأقارب، فنهرته بقوة ورفضت طلبه، فنظر إليها نظرة كانت تعني الكثير، نظرة فيها نوع من التساؤل، والحرج، والإهانة، وكأنه يقول لماذا فعلت هذا يا أمي أمام الضيوف؟ وهل قطعة الحلوى هذه تجعلك تغضبين مني؟ وهل أخطأت الخطأ الكبير؟ أرجو الإجابة. وخلال تلك النظرة كان أقاربها يلومونها على هذا التصرف، ويطلبون منها اعطاءه ما يريد. نعم إنه تصرف كان يمكن أن يكون صحيحاً لو كانت وحدها معه إذا كانت تعتقد أن تصرفه غير صحيح أمام الضيوف، وكان يجدر بها لو أمسكت بيده إلى الخارج ودخلت غرفته وأخبرته بخطأ ما قام به لأنه أحرجها أمام الضيوف، وكان يمكن أن يذهب للمطبخ للحصول على هذه الحلوى. إن الطفل في هذه الحالة يشعر بالإهانة والإحراج وقد يؤثر ذلك على شخصيته في المستقبل ويظل يتذكر أنه قد أحرج أمام الضيوف، وهذا للأسف ما سبب الكثير من ضعف الشخصية وقلة الثقة بالنفس لدى العديد من فتياتنا وشبابنا وجعلهم شخصيات مترددة خائفة، فالكثير من الآباء والأمهات لا يدركون خطورة ما يقومون به من تصرفات وسلوكيات تجاه أطفالهم قد تؤثر عليهم في المستقبل، فكم من طفل ذهل من صفعة قوية على وجهه وهو يطلب من والده شراء قطعة حلوى أو لعبة ما، وكم من طفلة صدمت من صراخ والدتها عليها في إحدى الجلسات العائلية وهي تطلب منها أن تحكي ما حدث لها في المدرسة والذي جعلها من المتفوقات. ثم بعد ذلك يتساءل الوالدان عن سبب الخجل الشديد لدى أطفالهما والتردد والتلعثم في كلامهم وعدم القدرة على الحوار والنقاش في أي مجال حتى وصولهم للدرجات العليا في الدراسة. ما أجمل أن يتحلى الوالدان بالصبر والقدرة على التعامل مع أطفالهما بالهدوء ومعالجة الخطأ بالحوار واعطائهم الفرصة للتعبير عن آرائهم حول الموضوع المطروح والذي يدور حوله النقاش أو التصرف الذي بدر منهم. فالطفل يشعر بالثقة بالنفس والقدرة على الاعتذار عن السلوكيات الخاطئة التي قد يقوم بها إذا ما تمت مناقشته منفرداً وتوضيح الصواب من الخطأ له في تلك المواقف، وتنبيهه إلى أن هناك أموراً لابد من مراعاتها وعلى الوالدين مساعدته في ذلك. وسقى الله أيام الماضي حين كانت الأم بنظرة من عينيها لطفلها أو طفلتها تستطيع أن توقفه عن التصرف الخطأ أمام الناس بل أن تلك النظرة التي يتلقاها الطفل لا يشعر بها أحد، فيخرج دون أي إحساس بالإهانة والإحراج! وكذلك الأمر بالنسبة للأب الجالس مع أصدقائه في المجلس، عندما يلقي تلك النظرة على الولد، فيتوقف عما كان يقوم به، ومن ثم يحاول الوالد بعد خروج الضيوف تأنيب الولد وتعليمه الصواب من الخطأ وتحذيره من تكرار ذلك، وكذلك الأم التي قد تقضي وقتاً أكبر في تعليم وتهذيب ابنتها عن سلوكها الذي قامت به سابقاً، وهكذا يتعلم الأطفال دون أن يشعروا بأي شيء من الحرج الذي قد يسبب لهم عدم القدرة مستقبلا على مواجهة الواقع وما قد يطرأ على حياتهم، وبالحوار الهادئ والنقاش القائم على توضيح السلوكيات الصحيحة والبعد عن الخاطئة، نستطيع أن نبني أجيالاً واثقة من نفسها ومن قدرتها، ولديها التمييز بين ما هو خاطئ وضار، وما هو نافع وصحيح.