19 سبتمبر 2025

تسجيل

عن زيف (المثقف)

01 ديسمبر 2021

ينكشف زيف المثقف عندما يكون أو يشعر أنه خارج الرهان، وبعيد كل البعد عن أي نقد أو تحليل، وبمنأى عن أي دراسة، عندما يشعر بأنه يستطيع أن يتحكم في عصره بينما في الحقيقة عصره هو المتحكم فيه لأنه يختفي باختفاء عصره. الثقافة عندما تتخلى عن كونها وظيفة تنتج المثقف الاستعلائي. المثقفون لا ينتجون العصر بل هم نتاجه وثمرته، مثقف السلطان، المثقف الحكومي، حتى ما يسمى المثقف الحر هو في الاخير مرتبط بممارسة اجتماعية لها مصالحها ورهاناتها وأفكارها. مع تكون الايديولوجية يسقط المثقف باكرا في حبالها وشباكها فيعتقد واهما بحريته وبإيمانه، للخروج من أزمة هوية المثقف اخترعت السلطة مثقفي الصالون أو الفندق، يتقاطرون في ردهته، تسرقهم أضواء ومايكروفونات القنوات، وينتهي بهم الأمر في المطار بشيك مالي، مثقف الشنطة هذا مكوكي وينتظر الاشارة، هو يتكلم لكن لا يتألم مما يقوله لأنه بضاعة، بعضهم ينقلب ويتحول من جهة الى أخرى حسب الطلب والعرض، اختراع السلطة لهذا النمط يتماشى وطبيعتها وجاء ردا أو مجابهة مع نمطين من المثقفين تخشاهما فقط السلطة غير الشرعية أو اللامنتمية. المثقف العقائدي، والمثقف العضوي، الأول لثباته وإيمانه بما يعتقد، والآخر لانخراطه في عملية التغيير وليس اللفظ فقط، وهو بالضرورة عقائدي الا أنه متحرك ومنتمٍ ويبتعد كثيرا عن التنظير، لا يمكن لها أن تتعامل معهما لاختلاف في الطبيعة أساسا، فكان من الضروري إيجاد البديل المناسب لهما. بالنسبة للمثقف العقائدي الثابت يتحول مع الوقت الى متفرج لانتهاء عصر العقائد والايديولوجيات، أما المثقف العضوي فهو في حاجة الى مجتمع يستجيب لعضويته واندماجه، فكلاهما يعيش في زيف كذلك، الاول ذاتي والاخر مجتمعي موضوعي. بقاء وضع المثقف العربي على هذا الحال جعل من السلطة إمكانية أخيرة ولازمة للعيش وسهل عليها الانفراد بالمجتمع وتجزئته، لا يستطيع للمثقف أداء وظيفته الحقيقية طالما المجتمع لا يقدر فعل الثقافة والاستبصار، لا يستطيع الخروج من زيفه والمجتمع لا يزال يعتقد بنتوئه عن الجسد العام للمجتمع، لذلك سيظل يعيش عملية التزييف هذه حتى تأتي اللحظة لكي يبصر المجتمع وضعه وينكشف له الغطاء فينظر إليه ببصر من حديد. [email protected]