14 سبتمبر 2025

تسجيل

تدعيم الإنتاج الوطني ضرورة وطنية

01 ديسمبر 2017

حكمة عربية تقول: "رب ضارة نافعة"، لا شك بأن الحصار الذي فرضه الأشقاء على دولة قطر يعد جريمة كبرى يرتكبها الأخ ضد أخيه، ولقد سبب الحصار الظالم الذي فرض علينا في قطر منذ الخامس من شهر يونيو 2017 أضرارا كبيرة طالت الإنسان والحيوان والنبات والإعمار، ولا يمكن التقليل من تلك الأضرار ليس على قطر وحدها وإنما على دول الحصار أيضا، ولكن الإمعان في المكابرة لدى دول الحصار بأنهم لم يتضرروا يخادعون مواطنيهم ويكذبون عليهم.  لكن للحصار منافع جلبها على دولة قطر أهمها التفات القيادة السياسية إلى إعادة النظر في كل سياساتها الاقتصادية والأمنية والتعليمية والسياسية داخليا وخارجيا، كما قال سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: قطر لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الخامس من يونيو. في مجال السياسة استطاعت الدولة أن تثبت للعالم المتحضر بأنها دولة ذات مبادئ أخلاقية عالية المستوى، فبرغم الحصار الظالم فإنها لم تعادِ ولم تعامل دول الحصار بالمثل، فمواطنو تلك الدول (السعودية والبحرين والإمارات ومصر) ما برحوا يمارسون أعمالهم في قطر بكل حرية، ولم تلغ عقود الغاز مع تلك الدول، ولم تمنع طلابا ينتسبون إلى دول الحصار الذين يدرسون في مدارسها وجامعاتها من مواصلة دراستهم وغير ذلك، في الجانب الآخر تمت مضايقة الطلاب القطريين أو حتى المقيمين في قطر الذين كانوا يدرسون في تلك الدول، وتضرر قطريون لهم استثمارات وأملاك في دول الحصار. لقد تأكد العالم خاصة الدول الكبرى من براءة قطر من جميع التهم التي أطلقها فرسان الحصار (ثلاث دول+ نصف دولة) على دولة قطر، فهي لم تكن يوما ممولة للإرهاب ولا تأوي إرهابيين ولا تتدخل في شؤون غيرها الداخلية، تأكدوا جميعا وصرحوا بأن دولة قطر شريك إستراتيجي في محاربة الإرهاب وتجفيف موارده. والحق أن الدبلوماسية القطرية كانت دبلوماسية استرضائية حرصا منها على علاقات مودة وإخاء مع دول الخليج العربي، ولكن بعد فرض الحصار المبني على أكاذيب نشطت الدبلوماسية القطرية على كل الصعد وأصبح يشار إليها بالبنان ويستمع الخلق لكل الرموز السياسية القطرية عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا شك بأن تلك الدول أصيبت بخيبة أمل في كل جهودها الرامية لإلحاق الأذى بقطر. (2)  في الجانب الاقتصادي اندفعت القيادة السياسية القطرية نحو تحقيق مشروع "الاكتفاء الذاتي" فراحت المبادرات الحكومية تعمل بكل الوسائل لتدعيم الإنتاج الوطني، بهدف تحقيق "نأكل من ما نزرع، ونتطبب مما نصنع، ونكتب على ورق نصنعه وأقلام نكتب بها"، وغير ذلك من حاجاتنا. إن تلك الإستراتيجية تحقق لنا الاستقلال الذاتي كي لا نكون رهينة لأحد تحت أي ظرف من الظروف. (3) والحق أن الدولة أعطت وسهلت كل الصعاب من أجل إحداث ثورة في التصنيع والزراعة وغير ذلك من عوامل الإنتاج. بقي الدور الذي يجب أن يؤديه رجال الأعمال في القطاع الخاص السائرين إلى الصناعة والفلاحة وغير ذلك أن يهتموا بالجودة في الإنتاج. ليس من المهم أن ننتج أي منتج، ولكن المهم العمل على جودة المنتج والابتعاد عن تحقيق أعلى معدلات الربح عن طريق النزول بالمعايير العالمية لجودة الصناعة، خاصة في الصناعات التي ترتبط بالإنسان مثل الزراعة ونوع الأسمدة المستخدمة، وإنتاج الألبان بكميات وفيرة لكنها تقل عن المواصفات العالمية في هذا القطاع، وصناعة الأدوية ومشتقاتها، وكذلك إنتاج اللحوم. كل هذه الأعمال تحتاج إلى إخلاص وصدق وذمة التاجر النزيه. إن المستهلك في قطر يتمتع بثقافة عالية يعرف المنتج الممتاز من المنتج الضعيف أو الرديء. ومن هنا أهيب بجميع الذين دخلوا سوق التصنيع الاستهلاكي أن يتمسكوا بمعايير الجودة كي لا يفقد المستهلك الثقة بالإنتاج الوطني، كما أنه، ولا شك في ذلك، بأن المؤسسات الحكومية كلٌ في مجال اختصاصه ستراقب وتتابع المنتج المحلي وتقارنه بالمنتجات المستوردة، وعلى ذلك نكون قد حققنا الاستقلال الكامل والاكتفاء الذاتي إن أحسنّا الأداء وترفعنا عن تعظيم الأرباح عن طريق سلعة أقل جودة يحميها الشعور الوطني باندفاعنا نحو شعار "تشجيع المنتج الوطني". آخر القول: يا رجال القطاع الخاص: أخلصوا عملكم من أجل تصنيع عالي الجودة، أخلصوا عملكم من أجل الارتقاء بسمعة إنتاج وطننا الغالي قطر، والله ناصرنا على كل من عادانا وحاصرنا.