12 سبتمبر 2025

تسجيل

النظام السوري والجزيرة.. اتهامات متبادلة

01 ديسمبر 2011

أظهر وليد المعلم وزير الخارجية السوري، خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الإثنين الماضي، مقاطع فيديو مصورة يدعي فيها أن هناك مجازر ارتكبت بواسطة مجموعات إرهابية مسلحة ضد الشعب السوري. واتهم المعلم هذه المجموعات الإرهابية المسلحة بتنفيذ هجمات وجرائم ضد المدنيين العزل وضد أفراد الجيش السوري، ضمن خطة تعمل على إغراق البلاد بموجات من العنف وإراقة الدماء، لافتا إلى أن الجامعة العربية تتجاهل وجود هؤلاء الإرهابيين في البلاد، بينما تقوم بفرض عقوبات سابقة لأوانها على سوريا. وتظهر لقطات الفيديو، التي تم بثها، صورا عن "مقبرة جماعية لشهداء قوات الأمن السوري" اكتشفتها السلطات السورية، إضافة إلى جثث متفحمة وملطخة بالدماء، تدعي الحكومة السورية، أنها لأشخاص قتلوا بواسطة ما سمتها بـ"مجموعات إرهابية" تحرض على نشر الفوضى والعنف في البلاد. لذا لا بد لنا من طرح هذا السؤال على الحكومة السورية: إذا كانت هذه اللقطات صحيحة، فهل يعقل أن الجيش السوري، الذي يضم 304 آلاف عسكري فعلي و450 ألف احتياطي جميعهم مسلحون بأسلحة عالية التقنية، لا يستطيع السيطرة على تلك المجموعات الإرهابية؟! هل هذا يعني أن الوضع في سوريا أسوأ من مجرد وجود مجموعات إرهابية تثير الخراب والدمار في البلاد؟ ورغم أنها ليست المرة الأولى التي أرى فيها صورا للعنف في أخبار الإعلام السوري، إلا أنني ما زلت أصدم لرؤية هذه الصور، التي تظهر للعلن بطريقة صارخة وغير خاضعة لأية رقابة، في مؤتمر صحفي يشاهده شريحة كبيرة من المجتمع العربي. وبالعودة إلى قوانين حقوق الإنسان الدولية، فإنها تشير إلى أن جميع الأشخاص لديهم الحق في الحفاظ على خصوصيتهم وكرامتهم. وإظهار هذه الصور المروعة علنا، تبين مدى تدهور حقوق هؤلاء الضحايا والتعدي الفاضح على خصوصيتهم وكرامتهم المكفولة لهم. ويجدر بنا ألا ننسى الأطفال الذين قد يشاهدون هذه الصور على شاشة التلفاز، وما لهذه الصور المروعة والعنيفة من تأثير سلبي عليهم. وبإظهار هذه الصور، يبدو النظام السوري وكأنه يريد استخدام كل سلاح في جعبة إعلامه، لتكذيب التغطية الإعلامية الفاضحة والسلبية التي تلقاها النظام في الشهور القليلة الماضية. وبالفعل، فقد بدأ الإعلام السوري ببث برنامج وثائقي يظهر التغطية المضللة التي تقوم بها قناة الجزيرة والقنوات الفضائية الأخرى عن المظاهرات التي تحدث في البلاد. وأحد الأمثلة المستخدمة في هذا البرنامج الوثائقي، تظهر أن صورة الولد التي بثتها الجزيرة، والذي من المفروض أنه قتل أثناء تصادم بين قوات الحكومة السورية والمتظاهرين، هي صورة لنفس الولد الذي قتل في الصراع اليمني منذ شهور قليلة. وفي لقطة أخرى، أظهر الإعلام السوري فيديو لأناس ادعى أنهم متظاهرون في مدينة سورية، وهي نفس الصورة لمتظاهرين في مدينة أخرى. وعلى ما يبدو، فقد بدأ النظام السوري بشن حرب إعلامية ضد قناة الجزيرة. ومن جهتها وكالعادة، لم تقبع الجزيرة صامتة، بل قلبت الطاولة على النظام السوري، حيث أكدت أن بعض الصور التي أظهرها المعلم في الموتمر الصحفي هي صور وهمية ومزيفة أخذت من لقطات قديمة مصورة، منها صورة لرجل ادعى المعلم أنه قتل على أيدي المجموعات الإرهابية التي تثير الفوضى في البلاد، إلا أنها في الحقيقة صورة لرجل مصري قتل في لبنان في عام 2010. أما الصورة التي تظهر عصابات إرهابية مسلحة، من المفترض أنها تخضع للتدريب، فقد أخذت أصلا من فيديو التقط في منطقة طرابلس ـ لبنان في عام 2008. وبمواجهة ادعاءات الحكومة السورية، تبين الجزيرة للمشاهد والرأي العام، أن الاتهامات السورية هي مجرد ألاعيب وحيل من النظام السوري في محاولة يائسة منه للتمسك بالسلطة. وعلى كل حال، نحن ندعو الحكومة السورية وقناة الجزيرة لتوضيح الاتهامات التي يتبادلونها. ففي النهاية من مسؤوليتهما إبلاغ الرأي العام بالحقيقة والواقع الذي يحدث في سوريا، حيث إن المصداقية والسمعة الحسنة شيئان مهمان جدا لأي منظمة سواء إعلامية أو حكومية، فإذا شوهت هذه المصداقية أو فسدت، سيكون من الصعب على أي منظمة الحصول مجددا على ثقة الرأي العام الذي تقوم بخدمته في الأساس. رئيس تحرير جريدة البننسولا [email protected]