11 سبتمبر 2025

تسجيل

عندما قال لهم الأمير: «كفى»

01 نوفمبر 2023

«كفى.. لا يجوز منح إسرائيل ضوءاً أخضر غير مشروط للقتل»، بهذه الكلمات صرح سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، خلال اجتماع سابق لمجلس الشورى في بلاده، وننظر إلى تلك الكلمات في هذا الزمن المتعب المرهق، ونحن في ظل ترقب يجمع بين طياته الأمل والفأل والألم والخذلان، لما سوف تفعله الإدارات العربية تجاه قضيتها العروبية والإسلامية، فمنهم بكل صراحة وشفافية: ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات في مواجهة العربدة العالمية التي نراها تعيث فساداً وإجراماً غير مسبوق في فلسطين، والفيصل في الأمر أن لكل إدارة عربية ما تملكه من أدوات الضغط السياسي والاقتصادي والإعلامي والنظر والمعيار في الحكم سيكون إلى ما ستفعله كل إدارة حسب المستطاع من المتاح من أدوات التأثير والتغيير في الساحة السياسية الملتهبة. ومن نظر إلى تلك الكلمات التي قالها سمو الشيخ تميم بن حمد، يجد فيها ما نأمله في كل قياديي المنظومات الحكيمة العربية وهي «الشجاعة في زمن التردد»، نعم.. نعلم جيدا أن الملفات شائكة والظروف متداخلة ونطاق التحركات محدود والأدوات محكومة في أدائها وتأثيرها، وقوى الشر أصبحت ذات احترافية عالية في رسم السيناريو العالمي في مجريات الأحداث السياسية والقرارات المصيرية وأن الحلقة الأضعف أصبحت من نصيب الشعوب العربية المقهورة. ولكن لن نعدم الفأل ونعدم الوسيلة والطريقة، ويبقى الأمل والترقب دافعا للقيادات العربية أن تتشجع وتتصالح مع أنفسها وذواتها الشعبوية لخلق منظومة عاجلة دفاعية أمام الهجمات التي تمس المقدسات والأرواح البريئة. فالشجاعة خلق فريد لابد أن يتوافر في عظماء الرجال وسادة الأقوام ومن تصدر المنابر القيادية والسياسية، ويذكر ابن منظور في لسان العرب في مادة (شَجُعَ) ما نصه: (شَجعَ) بالضم شجاعةً اشتدَّ عند البأس والشجاعة شدة القلب في البأس. فالشجاعة في عالم السياسة قوة القلب عند نزول المصائب السياسية، وتوالي الخطوب العالمية، وعند مواجهة ذوي النفوذ العالمي وقوى الشر، وعند وجوب حماية الحق وتبيينه للناس والعالم، والشجاعة ليست مرادفةً للقوة، فالقوة أمر ينصرف في عالم السياسة إلى الجسد التنظيمي والعسكري والمالي، أمَّا الشجاعة فمناطها العقيدة السياسية، لذلك قد يكون النظام السياسي ضعيف البنى التأثيرية في الصراعات الكبرى العالمية، ولكنه أكثر الأنظمة شجاعةً في تبيان عقيدتها السياسية تجاه القضايا التي تمس موروثها العقدي والسياسي والقومي. والإسلام حريص على وجود هذا الخلق في قلوب الساسة والقياديين، وترسيخه في وجدانهم السياسي والقيادي. فمن أهم ميادين الشجاعة السياسية قيام الحاكم وتنفيذه للسياسات العادلة لبلده ورعيته ومواجهة القضايا الكبرى التي يهتم بها شعبه مراعاة لمنطلقاته الفكرية وموروثه القومي بما يرضي الله، ويحقق النفع والفائدة لشعبه ومجتمعه. فلا ينبغي أن يكون بوقاً لقوى الشر وأن يسمح لها بفرض سياستها الظالمة على شعبه وتسويق أفكار الأعداء والخضوع للانهزامية. فيروى عن قائدنا الأعظم ﷺ أنه قال: «أيما وال (حاكم) ولي شيئا من أمر المسلمين فلم ينصح لهم ولم يجهد لهم كنصحه وجهده لنفسه كبه الله على وجهه يوم القيامة في النار». فكم هو حريّ بالإدارات العربية أن تبادر وتتشجع في مواجهة أصحاب النفوذ العالمي ورؤوس الطغيان من أهل الباطل البيّن وأن تقول لهم: «كفى».