11 سبتمبر 2025
تسجيلنعلم أن تطوراً سريعاً جرى في الأزمة الخليجية اللبنانية، والتي اشتدت مع تداعيات التصريحات غير المسؤولة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي الذي أيد فيها الحوثيين في هجماتهم ضد الأراضي السعودية متغاضي الطرف عن جرائم بشار في سوريا ضد ملايين البشر الذين تلقوا منه هدايا على شكل غازات مسمومة كانت تسحب أرواحهم سحباً وكأنهم يناضلون بقوة للتمسك بتلابيب الحياة غير الصواريخ والمقذوفات التي كانت تفتت أجساد العوائل السورية المحتمية تحت أسقف منازلها الآيلة للسقوط، ورغم كل هذا الإجرام فإن قرداحي الذي يتحدث اليوم كونه وزيراً وممثلاً رسمياً لدولة ليست بخالية الوفاض من شر الأزمات سواء التي تفتتها من الداخل المهزوز أو حتى خارجياً وهي التي لا تحتمل دبلوماسيتها مثل هذه الأزمات لتعالجها بصورة جذرية، كما أنه تغاضى شخصياً عن جرائم الحوثيين ضد الشعب اليمني لا سيما في مدينة تعز التي أحالها الحوثيون إلى ركام بسبب رغبتهم الاحتلالية في السيطرة عليها ولم يتوقعوا هذا الصد وذاك الرد من أبناء تعز وها هم أطفال تعز يرقون إلى السماء بفضل هجوم الحوثيين على مدينتهم وتصيد صغارها قبل الكبار فيها، ولكنه غض الطرف وصد النظر عن كل هذا واعتبر أن الحوثي من حقه أن يدافع عن نفسه بالتهجم العشوائي على السعودية دون أن يرى في أن الحوثي نفسه إنما يدافع عن مصالحه العسكرية ويهاجم لأجل مصالحه، وأن الشعب اليمني أبعد ما يكون ضمن حساباته الدفاعية. ومع كل هذا وذاك خرجت بعض دول الخليج بمواقف جدية في استدعائها لسفراء لبنان المتواجدين على أراضيها ومطالبتهم بمغادرة دولهم خلال 48 ساعة ومنع مواطنيهم من السفر للجمهورية اللبنانية مع حرص حكومات هذه الدول على عدم المساس بالمواطنين اللبنانيين المقيمين على أراضيها وعدم التعرض لمصالحهم وأنه لا دخل للشعوب بالأزمة المستجدة مع حكومتهم المتداعية كحال معظم الحكومات التي مرت في تاريخ لبنان للأسف، والذي يعلم أن هذه الأزمة مع الخليج بالذات هي ما يمكن أن يسقط مقدرات هذه الدولة التي تسهم مساعدات دول الخليج فيها مساهمات ملموسة يعرفها المسؤولون اللبنانيون الذين لم يتحركوا حتى هذه اللحظة في إصدار ردة فعل مناسبة تجاه تصريحات الوزير التي توقع كثيرون أن تكون إما باستقالته أو حتى إقالته ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون ردة الفعل على شكل اعتذار هش من قرداحي الذي بلغنا أنه يرفض تقديمها باعتبار أن ما قاله يدخل ضمن سيادة الدولة اللبنانية الحرة بالرأي دون المساس بجوهر التصريحات التي يعبر عن مسؤوليته الشخصية تجاهها متناسياً أنه لم يعد يلبس ذلك الجلباب المهلهل الذي خاطته له قنوات سعودية لكنه اليوم يعبر عن رأي دولة لم تتخذ حتى لحظة كتابة هذا المقال ما يمكن أن يوقف ردود الفعل الغاضبة التي تتوالى من كل من السعودية المعنية بالدرجة الأولى من هذه التصريحات وبعض المواقف الخليجية والتي تتخذها تعبيرا عن وحدة ردة فعلها مع المنظومة الخليجية الموحدة. لكن ما لفت نظري هو ردود فعل كل من دولة قطر وسلطنة عمان اللتين أصدرتا بيانين عبرتا فيهما عن أسفهما تجاه الأزمة السياسية الراهنة بين بعض دول الخليج وبين الدولة اللبنانية من خلال تصريحات غير مسؤولة صدرت من وزير الإعلام اللبناني ضد الأشقاء في الخليج مجددتين دعوتهما باللجوء لعين العقل والحوار الذي من شأنه رأب الصدع بين الطرفين ومحاولة وقف إحداث أي شقاق في العلاقات اللبنانية الخليجية التي لطالما تميزت بالمودة والألفة وتباين المصالح المشتركة ولذا كنا بحاجة لمثل هذه الردود التي تسهم في إطفاء جذوة الفتنة التي يمكن أن تنشأ في لحظة وتهدم علاقات تاريخية منذ الأزل، ولذا ندعو الله أن ينهي هذه الأزمة لأننا لسنا بحاجة لمزيد من الفرقة بين دولنا العربية في وقت يتزايد الغرب من اقتراب حدوده وتوأمة مصالحه ولنكن خير أمة خرجت لشعوبها موحدة ومتوحدة معا. [email protected] @ebtesam777