14 سبتمبر 2025

تسجيل

كن مديراً لا قائداً (3)

01 نوفمبر 2020

(البطانة) قبل أن أبدأ في مواصلة الحديث عن القيادة الناجحة في سلسلة المقالات هذه، أود أولاً أن أتحدث عن الهجمة الشرسة والوجه القبيح الذي أظهره طغاة العلمانية حول خير خلق الله أجمعين الرحمة المهداة والنعمة المسداة سيدنا وحبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه. إنه ليس بغريب على هذه الفئة الحاقدة على الإسلام والمسلمين وحتى إن كانوا يتقلدون أرفع المناصب ويديرون أكبر الدول والمنظمات العالمية، ليس بغريب عليهم أن يكرروا محاولاتهم البائسة واليائسة في النيل من إمام الأمة وقدوتها، فهو الرمز الذي يختزل في شخصه الإسلام الحق، لقد صور لهم شيطانهم وتفكيرهم المريض بأنهم يستطيعون هدم معتقدات المسلمين والقضاء على الإسلام من خلال زعزعة حب الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه في قلوب المسلمين، ولكن هيهات أن ينالوا ما يسعون إليه. قال رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلاَ اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى" (صحيح البخاري). إن هدف القائد الرئيسي هو إنجاز المهمة وتحقيق النجاح، ولا يستطيع فعل ذلك بمفرده، وإنما يتحقق النجاح بالتخطيط الصحيح وبالعمل والاجتهاد وبحسن اختيار الأعوان والمساعدين المخلصين والقادرين على أداء المهام والواجبات، فهم البطانة الصالحة التي تعينه على اتخاذ القرارات الصحيحة وإنجاز المهام الجسيمة، ولابد لهذه المنظومة المكونة من القائد والمساعدين أو المرؤوسين أن تعمل بروح الفريق الواحد الساعي لتحقيق أهدافه، وللوصول لهذه الحالة من التكامل بين القائد ومساعديه عليه أولاً أن يكون قريبا منهم مدركاً لإمكانياتهم وقدراتهم، حتى يستطيع توظيف طاقاتهم ومهاراتهم بالشكل الناجح، فهناك أشخاص جيدون كمستشارين، وهم من يكتشفون المشاكل والعراقيل ويقدمون الحلول في نفس الوقت، وهناك من يجيدون تنفيذ المهام ولكنهم أقل قدرة في الإبداع، وهناك من هم قادة بطبيعتهم يمكن الاعتماد عليهم في تخويل الصلاحيات وتوزيع المهام، والأمثلة على اختلاف القدرات والمهارات كثيرة. يقول الفيلسوف والقائد الصيني صن تزو في كتابه فن الحرب: "إن القائد الذكي، هو الذي ينظر إلى حصيلة القدرة المجتمعية، ويأخذ بعين الاعتبار المواهـب الفردية، ويستخدم كـل رجل حسب قابليته، ولا يطلب الكمال من غير الموهوب"، فعلى القائد أن يتحلى بالحنكة في الاستفادة من الموارد البشرية المتوفرة لديه، فليس بالإمكان دائماً الحصول على أفضل المساعدين والموظفين، ولكن يمكن أن يتم توظيف كل على حسب إمكانياته وقدراته لتحقيق النجاح. وكلما كان القائد قريباً من فريق عمله زادت رابطة التواصل والتعاون وزادت ثقة فريق العمل بقائده وزاد ولاؤهم له، فليس صحيحاً دائماً بأنه لابد أن تكون هناك حواجز بين الرئيس والمرؤوس، ولكن المهم أن يكون هناك احترام وتفاهم في التعامل بين القائد ومساعديه يعرف من خلاله كل نطاق واجباته ومسؤولياته. ولعل هذه الخاتمة تقودنا إلى المقال القادم بإذن الله وسوف يكون محور الحديث حول أساليب القيادة المختلفة، وهل هناك ما هو صح أو خطأ في إستراتيجيات القيادة، ومتى وكيف تحدد أسلوبك القيادي. @drAliAlnaimi