23 سبتمبر 2025

تسجيل

خير الأنام بين الغضب والالتزام

01 نوفمبر 2020

إلاّ رسول الله وحدّت شعوب العالم الإسلامي في كل مكان، بالتنديد والاستنكار، إنها الحميّة الدينية التي حركتها أفواه ورسومات المعادين للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والتعصب الديني لأفضل خلق الله الذي كرمه الله ورفع منزلته وذكره في كتابه، وأشعلت المنصات الإعلامية بالصلاة عليه وذكر سيرته بكل تفاصيلها، فالعداوة للرسول- صلى الله عليه وسلم- قائمة ليست مستجدة، درسنا في كتب السيرة كيف كان يتعامل أهل قريش مع الرسول مع بداية البعثة المحمدية الإسلامية، اتهم بالجنون والسحر والكذب، والإيذاء البدني، ونظمت قصائد في ذمه والتنكيل به، نصره الله وحفظه، فلم تتوقف الرسالة المحمدية، ولم تتوقف الإساءة له على مر العصور، ولم يتوقف حبه في نفوس أكثر من مليار مسلم من أمته الذين اتبعوه، بل ازدادوا حماساً وحباً ودفاعاً وتمسكاً بسنته ومنهجه، فالتاريخ يعيد نفسه، وإن اختلفت الوسائل واختلف المنهج واختلفت الكيفية في التعامل مع من يحمل في فكره الإساءة لنبي الأمة، وخاتم الأنبياء، اليوم ليس كالأمس، الرسول النبي، اليوم لم نره ولم يتمثل أمامنا، ولكننا نراه من خلال منهجه وسيرته وخلقه وكيفيّة تحمله في نشر الرسالة، كما سردها القرآن الكريم بأدق تفاصيلها، وكما نقلها الصحابة والتابعون في أحاديثهم، لذلك أمرنا الله تعالى بقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا } فالإيمان بالدفاع عنه واجبنا كأمة إسلامية، والتعبير عن غضبنا بالرفض لا جدل فيه لمن يسئ له ويشوه صورته. فرنسا وغيرها من الدول الغربية تسودها ديانات ومعتقدات متعددة، نحترمها كمسلمين، فالإسلام يقرّ الحرية، والإسلام دين السماحة، ويعترف بالآخرين ويقرّ على دينهم بقول الله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.. وقوله: { وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُم بَرِيٓـُٔونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا۠ بَرِىٓءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ }. تلك هي القاعدة المنهجية الإسلامية في التعامل مع الديانات الأخرى، ونحن ماذا ننتظر من تلك الدول غير الإسلامية، هل نأمل منها ومن أنظمتها الدفاع عن الرسول ونصرته ؟!، أم نأمل منها أن تعاقب شعوبها على من يعتدي على رسولنا باللفظ والتشويه ؟!، حرية التعبير لديهم لا تقف عند حدود احترام حرية الآخرين. ترسبات عدائية استفزازية للكراهية ضد الإسلام والمسلمين قديمة، وطبيعي أن تثار حمية المسلمين، إنه امتداد لما نشر سابقاً لصور كاريكاتورية ساخرة لنبينا محمد الذي تبنته مجلة، " شارلي ابدو " الفرنسية الساخرة عام 2015، ولم تقابل عند الدول الإسلامية - مع الأسف - إلا بوسائل ضعيفة، لذلك امتدت الإساءة والجرأة والسخرية، لمن شرفه الله بحمل الرسالة الإلهية. فالمعلم الفرنسي دفع ضريبة استفزازه للشاب المسلم الشيشاني بقطع رأسه دفاعاً وحبّاً للرسول - صلى الله عليه وسلم - بدافع الغيرة والحمية، فالقتل في حدّ ذاته في العرف الديني الإسلامي غير مقبول ويعتبر جريمة، والدفاع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالحجة والمنطق والبرهان والاقتداء بسيرته ونهجه في التعامل مع الآخرين، هي السلاح القوّي في محاربة من تسول له نفسه في الاعتداء بالقول والسخرية لرسولنا الكريم، كما هي الأداة الفاعلة في التأثير المباشر على معتنقي الديانات الأخرى في الدخول في الإسلام، الذي يعتبر الآن من أكثر الأديان انتشارا، فهل سيكون رسولنا قدوة فعليّة، ونحن اليوم نرفع شعار " إلاّ رسول الله " فرسولنا الكريم لم يقابل من آذاه ودبر وخطط بقتله بالقتل والإيذاء، إنما كان كما قيل عنه ومَن صاحبه " يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل إلا حُلماً " هكذا تعلمنا عن خلق وسماحة نبينا، أليس خلقه القرآن. أليس من واجبنا ونحن نرفع الشعارات وننظم الأشعار وعبر المنصات تدوي أنشودة طلع البدر علينا، كما هي أنشودة ولد الهدى فالكائنات ضياء... وغيرها التي جميعها تفاعل وهيجها حبًا ودفاعًا للرسول محمد- صلى الله عليه وسلم -، أن تكون سيرته قدوة لنا في أفعاله ومعاملاته ومبادئه، مع تفعيلها وغرسها في نفوس الأجيال، والتمسك بأخلاقه في معاملاته، وكيفية تعامله مع الآخرين، لتكون أفعالنا بقدر أقوالنا ودفاعنا عنه، الآن نحن بحاجة لتفعيل هذه القدوة في أمور حياتنا التي غفلنا فيها باتباع المنهج النبوي والسيرة النبوية، فهل من مقتدٍ؟ لنكون ستاراً مانعاً وقوياً أمام من يجرأ ويسئ إليه... ‏[email protected]