17 سبتمبر 2025

تسجيل

حوارات سياسية في الأردن

01 نوفمبر 2011

اعرف أن أمتنا العربية محملة بالهموم، الناس ما برحوا منشغلين بالحال في ليبيا وزاد على ذلك تكوين التحالف الجديد بقيادة قطرية لدعم ليبيا، منشغلين بدور الجامعة العربية في الشأن السوري المستعصي، منشغلين بما يجري في اليمن من جرائم في ظل صمت عربي ودولي مخيف، وزاد انشغالهم نتائج الانتخابات الحرة النزيهة في تونس ووصول حزب النهضة إلى الصدارة في تلك الانتخابات، العرب وغيرهم منشغلون بالمتغيرات في المملكة العربية السعودية بعد وفاة الأمير سلطان ولي العهد وماذا يخبئ المستقبل في المنطقة. كل هذه الهموم وغيرها أشارك غيري في حملها، وكانت موضوع حوارات ومناقشات في عمان كنت طرفا فيها. في الأسبوع الماضي ذكرت ما يباح ذكره في حديث مع جلالة الملك عبدالله الثاني وأشهد بأني وجدت عنده رغبة صادقة في الإصلاح، " فالمؤمن إذا قال صدق وإذا قيل له صدق " وإن شاء الله إننا من المؤمنين الصادقين. لكني أعلم أن الحمل ثقيل، فالملك عبدالله عندما تسلم مقاليد أمور الدولة في بداية عهده، لم تكن أمور المملكة واضحة له كما يجب، فتجربته العسكرية في تقديري أكثر من معرفته بإدارة الدولة، كان والده الملك حسين رحمه الله حامل كل الأعباء والهموم صقلته الأحداث الجسام التي مرت على المملكة الهاشمية وغادر الحياة إلى الدار الآخرة مرضيا عنه شعبيا، وجاء الملك عبدالله الثاني فوجد حوله " كهول الدولة " ليسوا من جلساء الملك الشاب ولا من رفاق نشأته، بعض أولئك الكهول انشغلوا في المرحلة الانتقالية بتعظيم مغانمهم الأمر الذي قاد إلى تعظيم الفساد وتكاثر الفاسدين والمفسدين وتجذر في المجتمع. لقد زين بعض" الكهول " للملك الشاب كل ما هو ليس بزين، ذلك ما قال به الكثير من المحبين للملك الأمر الذي يستعصي عليه اجتثاث الفساد من جذوره دون عناء. قال أحد المحبين للملك: كان العرب حكماء عندما قالوا: لا تقترب من الفحام، واللحام، ونافخ الكير لان هندامك سيتلوث ويصعب عليك المشي بين الناس لأن نظراتهم ستلاحقك، وعقب آخر على هذه الحكمة بالقول: سيدنا أعتقد أنه وقع بحسن نية بين فاسد ومفسد وسمسار وعلى ذلك أخذت تلاحقه الأنظار. لم يعجب البعض هذا الحديث حبا في الملك وعقب بعضهم، اللوم كله ينصب على "بعض الكهول " الذين أحاطوا بالملك في بداية عهدة، معظمهم لم يكونوا أوفياء للعهد فبقوا يعظمون مصالحهم على مصالح النظام، كان الملك عبدالله معتمدا على خبراتهم وقدراتهم وقربهم من باني الدولة الحديثة الملك حسين رحمه الله ولكن مع الأسف هذا البعض جر البلاد كلها إلى مأزق اقتصادي وسياسي يحتاج إلى تضافر كل الجهود لإصلاح ما فسد. يقول الملك: "إن هدف عملية الإصلاح السياسي هو الوصول إلى الحكومات النيابية، ولا حصانة لمسؤول وسنحمي قيم العدالة وتكافؤ الفرص بقوة القانون، ولن نسمح لأحد بأن يتطاول على المال العام وحقوق الآخرين " كلام جميل ومطلوب اليوم أكثر من الماضي، ولكن يا صاحب الجلالة تحتاج هذه السياسة الإصلاحية إلى رجال لا تحوم حولهم الشكوك، الأردن جلالة الملك مملوء بالرجال ذوي العقول المبدعة والأمناء على المال العام وهيبة الدولة والصادقين في نصحهم لصاحب السيادة ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. الرياح جلالة الملك عاتية والإصلاح الجوهري يقلل من قوة الرياح العاتية. (2) في حواراتي التي لم تنته في الأردن أثار أحد المشاركين في تلك الجلسة ما قلته في محاضرتي في " منتدى شومان " حول الوطن البديل، وقال بالحرف الواحد " نحن نخاف من التوطين الفلسطيني في الأردن " قلت " كنتم دولة واحدة بضفتين والخير بينهما مشاع " قال هم انفصلوا عنا برغبتهم، قلت، لا نريد اجترار الماضي فهو مؤلم، لكن لا يجوز تجريد الفلسطيني من جنسيته الأردنية خاصة الذين هم مواطنون بحكم النشأة والقانون، وأسهموا في بناء الدولة الهاشمية بضفتيها، الأمير الحسن بن طلال يقول: "إننا جميعا أتينا من الجزيرة العربية. أنا حجازي، أبي الملك طلال رحمه الله ولد في مكة المكرمة تماما كما ولد آباء مواطنين أردنيين في القدس فإن كانوا هؤلاء مواطنين دخلاء.. فهل أنا دخيل؟ " قال محدثنا: أنظر أنهم لا يشاركوننا في الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح. قلت " إنهم بين نارين إن شاركوا في الحراك قال البعض منكم إنهم مخربون ويريدون العبث بأمن الأردن، وإن لم يشاركوا قلتم إنهم منعزلون عنا، فماذا عساهم يفعلون؟ إني شخصيا مع صمتهم رغم إيماني بأن الكل مستهدف من قبل إسرائيل ولا فرق بين أردني وفلسطيني عندهم. آخر القول: اللهم احفظ الأردن من كل مكروه.