14 سبتمبر 2025

تسجيل

حتى نعيش متحضّرين؟

01 أكتوبر 2015

بالرغم من حبي الشديد للسفر بالسيارة، فإنني لم أتعد حدود قطر منذ الثمانينيات..لماذا؟ لأن خطر الموت كبير وقد فقدتُ الكثير من الأهل والأحبة وهذا لا يشجع؟! ولكن متعة السفر في الطرق الأمريكية تختلف؛ ولهذا ألغيت الطائرة واخترت السيارة في رحلتي والأسرة من فلوريدا الى نيويورك، والتي كانت على مدار يومين تناوبت فيهما السواقة مع ابني سلمان، ورأينا خلالهما ما يسرالعين ويشرح الخاطر من مناظر وتنظيم وتحضّر.استخلصت مجموعة ملاحظات وأهمها ثلاث.. أما الاولى: بالرغم من اعتمادنا في السواقة ليلاً ونهاراً على النظام الملاحي الذي لا يخطئ الشارع، الشريان غير المضئ الذي يربط بين الولايات والمدن والذي يتسع تارة ويضيق تارة وفيه من التطوير والإصلاحات ما فيه وتستخدمه كافة أنواع المركبات وكل البشر مختلفي الأعمار، لم أر حادث سير أو انقلاب واحدا أو حتى مخالفة؟ كما اننا لم نشهد أي تواجد لسيارات المرور إلا فيما ندر ولا رادات مخفية؟ فالكل ملتزم احتراما للقانون لارتفاع درجة الوعي وحق الطريق.. وتذكرت حالنا وقد فقدنا ربع الشعب في طرق مداها اقل من ساعتين! بالرغم من إنارة الطرق والجهود الجبارة التي تقوم بها المرور من توعية ورادارات ومخالفات حتى انهم قاموا بعمل خصومات للمخالفات ولم يتبق إلا صرف بطاقات خصم ولكن لا حياة لمن تنادي.. إنه الرقي والتحضر الذي نفقده وقوة القانون الذي نفتقده؟!أما الثانية فهي عدم الانقطاع عن الحضارة، فقد قطعنا عدة ولايات وكأننا في وسط البلاد.. ورقي الطرق ونظافتها وما تحتويه من استراحات وهي عبارة عن مسطحات خضراء منظمة مجهزة لعابري الطريق ومدى رقي حماماتها -اعزكم الله- والتي تفوق مستواها حمامات فنادق الدرجة الاولى من حيث المستوى والنظافة وروائحها العطرة بالرغم من أنها حمامات عامة تستخدمها كافة الفئات والاطياف؟ فتذكرت الحال عندنا اذا اضطررنا لدخول أي حمام عمومي حتى لو كان الأرقى جامع او مجمع تجاري وكأننا ندخل مستنقع وروائح لا تطاق تزكم الانوف بالرغم من ان النظافة جزء أصيل من عقيدتنا.انه الرقي الذي نفتقده!أما الثالثة فهي الشعور بالحرية، فقد قطعنا عدة ولايات كأنها ولاية واحدة وكل ولاية تكبردولنا بعشرات المرات، فلا حدود ولا جوازات ولا طوابير، تذكرت حال دولنا الخليجية التي بالرغم من التنسيق الامني الذي لا يهدأ على مدار العام واستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا في تبادل المعلومات والمصير الواحد وقد زرعت الحدود وجل ما انجزناه هو السفر بالبطاقات!إنها قصة مبدأ وتربية ووعي وقرار وقانون الذي نبحث عنه لنعيش كالبشر المتحضر..دعوة للتفكر؟!