12 سبتمبر 2025
تسجيلربما لم يكن الأمر واضحاً قبل الربيع العربي، كما هو الآن مع ثورة الاتصالات والإعلام الجديد، عن العلاقة الثقافية الجدلية بين السلطة والشعب، ولكن بكل تأكيد هذه العلاقة موجودة في جميع الدول العربية وفي جميع الأزمنة والعصور، وهذه العلاقة ليست محصورة فقط على دول العالم الثالث، ولكنها شائعة أيضاً في الدول المتقدمة، لأن الثقافة أداة للسياسة، حيث إنها تساعد على الوصول إلى الأهداف السياسية.ربما يكون التركيز أكثر في عالمنا العربي على دور السلطة، وذلك بسبب تحكّمها بالدولة وجميع مؤسساتها، وبسبب عدم وجود مؤسسات ديمقراطية وأهلية حقيقية، أو ضعفها إن وجدت، إضافة إلى وجود بعض المثقفين الذين يبحثون عن مجاورة السلطة من أجل تحقيق ذاتهم، ولا ننسى أيضاً ضعف المردود المالي للمشاريع الثقافية، وعليه تنشأ الحاجة الماسة إلى السلطة في التنمية الثقافية، وتصبح جميع الأنشطة الثقافية بين يدي السلطة فقط.وهنا لابد أن نكون منصفين بعض الشيء، فليس كل ما تقوم به السلطة في التنمية الثقافية سلبياً ويصب في مصلحتها وخياراتها السياسية، فأحياناً تعود مشاريعها بفائدة على المجتمع وتخلق نوعاً من التوازن. وصحيح أن السلطة قد تستخدم المثقف أو تضحي به وبأي مشروع ثقافي من أجل مصالحها، ومن أجل الاستمرار والبقاء، أو تجنباً لردود الفعل داخل المجتمع. ولكن المشكلة تكمن عندما تضعف ثقافة الفرد أو الفئة أو المجموعة أو الطبقة، وعندها تصبح ثقافة المجتمع غير كاملة وشاملة، وليست مترابطة ولا متصلة مع بعضها البعض، بسبب الانحياز لفئة على حساب فئة أخرى، مما يؤدي إلى تفكك في المجتمع أو الدولة، سببه الأساسي هو التفكك الثقافي.وكي نصل إلى مشروع ثقافي متكامل في المجتمع أو الدولة، لابد أن يُعتمد على ثقافة الشعب، وألا تهيمن السلطة على ثقافة المجتمع وتوجه علاقاته الفكرية والاجتماعية والسياسية حسب مصالحها، فثقافة الدولة تكون قوية إذا حافظت على ثقافة جميع الأجزاء المكونة منها، ولابد أن تكون هي أيضاً جزءاً من ثقافة أكبر وأشمل، فثقافة الفرد جزء من ثقافة المجموعة التي بدورها جزء من ثقافة أكبر وهي ثقافة الدولة والأمة.