11 سبتمبر 2025

تسجيل

الأردن وإسرائيل.. معاهدة.. تطرف وأزمات

01 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); العلاقة بين الأردن وكيان الاحتلال تبدو أحيانا غير مفهومة في بعض جوانبها، فالبعض يراها علاقة مستقرة مستمرة، والبعض يرى فيها حالات المد والجزر والبرود، بل التوتر السياسي في بعض المحطات، لكن فهم هذه العلاقة التي بدأت بشكل رسمي منذ توقيع معاهدة السلام بين الطرفين عام ١٩٩٤ يجب أن يكون من خلال العلم أنها علاقة بمسارين، الأول العلاقة الثنائية بين الطرفين والمسار الثاني والأهم هو القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها من تفاوض وعملية سياسية أو عمليات العدوان الصهيوني على الشعب والأرض والمقدسات الفلسطينية، وهناك مسار مشترك بين المسارين الأساسيين وهو المقدسات الإسلامية والمسيحية التي تخضع للرعاية الهاشمية وفق بنود معاهدة السلام بين الطرفين.ومن خلال حوالي عشرين عاما من ظهور المعاهدة وما نتج عنها من علاقات يمكن التوقف عند النقاط التالية: ١- أن الأردن يتعامل مع عملية السلام والحل السياسي بقناعة ومصداقية، فالأردن خاض المعارك والحروب العربية، لكن الدولة الأردنية تؤمن بالحل السياسي الذي يعيد الحق العربي والفلسطيني، وهذا الموقف كان الموقف الظاهر والباطن للأردن، حيث لم يتبن الأردن خطابا ثوريا شكليا لغايات استرضاء الشارع العربي وهو في الحقيقة يؤمن بالحل السياسي، وهذا الأمر منذ عقود طويلة.٢- أن الأردن ورغم قناعته بالحل السلمي لم يدخل سلاما منفردا مع كيان الاحتلال لأسباب عديدة، وعندما قامت منظمة التحرير بتوقيع اتفاق أوسلو بعد مفاوضات سرية مع كيان الاحتلال، شعر الأردن بالخذلان والخديعة وهو الذي وفر الغطاء للوفد الفلسطيني المفاوض عبر الوفد المشترك، ولم يوقع الأردن إعلان واشنطن وهو اتفاق تمهيدي إلا بعد توقيع المنظمة.٣- أن الأردن يؤمن أن علاقته مع كيان الاحتلال هي تعبير عن قناعاته السياسية وتخدم مصالحه. وأيضا تخدم الحق العربي الفلسطيني، وخاصة أن الواقع العربي تجاوز الخيار العسكري منذ عقود.٤- يدرك الأردن أن العلاقة مع كيان الاحتلال لا تعني الإيمان بأن هذا الكيان حريص على عملية السلام أو أنه حريص على إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، فالاحتلال مراوغ مماطل، ولديه معسكر متطرف لديه مخططات وأفكار تريد أن يحصل الفلسطيني على حقه الوطني والسياسي من أطراف عربية وليس منه كجهة احتلال وعدوان.ويدرك الأردن أن العلاقة مع كيان الاحتلال ليست علاقة ود وحب بل هي علاقة مصالح وموازين قوى، ويضاف إليها أن هذا الطرف مسكون بالمخاوف ويعمل بعقلية القلعة ولديه مفهوم لأمنه يقوم على رفض الآخر ورفض إعطاء الحقوق، وأن المعسكرات المتطرفة في هذا الكيان هي التي تحكم ولديها نفوذ شعبي، وهي معسكرات لا تؤمن بعملية السلام بل تسعى لتحويلها إلى أداة لتعزيز الاحتلال وليس صناعة السلام.وهذه القناعات تنعكس بشكل مباشر على علاقة الأردن بكيان الاحتلال الذي لا يرتاح للإصرار الأردني على إبقاء الملف الفلسطيني على رأس أولويات اهتمام العالم، ولا يعجبه أن يعمل الأردن وأي طرف عربي ودولي لإنتاج عملية سلام منتجة لمصلحة الحق الفلسطيني، لأنه يريد المماطلة وشراء الوقت وصناعة واقع يخدم مخططاته.٥- وخلال سنوات هذه العلاقة دخلت العلاقات الأردنية مع كيان الاحتلال محطات توتر وأزمات حقيقية كان معظمها مرتبط بعدوانية الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني، فالعدوان على غزة الذي تعدد خلال سنوات كان وراء توتر العلاقات، وأيضا محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في عمان عام ١٩٩٧، التي تعامل معها الأردن بحزم وأدى الأمر في نهايته إلى صفقة الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وتأمين علاج مشعل، وفي تلك الأزمة كان الملك حسين واضحا في استعداده لإلغاء المعاهدة إذا لم يتم تأمين الدواء لمشعل.لكن المحطات الأبرز خلال العام الأخير كانت في محاولات سلطات الاحتلال والمستوطنين تهديد حرمة المسجد الأقصى، وفي المحطة السابقة كانت الرسالة الأردنية واضحة في ضرورة وقف أي تجاوزات واحترام حق الفلسطينيين في الصلاة في المسجد الأقصى، وتم استدعاء السفير الأردني في تل أبيب، ويومها جاء نتنياهو إلى عمان معلنا التزامه بالمطالب الأردنية.وخلال الأيام الأخيرة عادت التجاوزات الصهيونية في المسجد الأقصى، وعاد الاستفزاز الصهيوني الذي قابله موقف أردني واضح وقوي، لكن التعامل الصهيوني تميز بالصلف، وهذا ما صنع حالة توتر ما زالت حاضرة، وكما أشارت تسريبات شبه رسمية في عمان فإن الملك عبد الله رفض استقبال مكالمات نتنياهو، وهناك تصريحات مباشرة للملك تؤكد أن الوعود الصهيونية تم التراجع عنها.العلاقات الأردنية مع كيان الاحتلال لن تخرج من إطارات محطات التوتر والأزمات والعامل الأساسي هو السياسات الصهيونية تجاه الحق العربي والفلسطيني.