28 أكتوبر 2025

تسجيل

حكايات الشيكات (3-4)

01 أكتوبر 2014

نواصل تسليط المجهر على أهم قضية تشغل الرأي العام هذه الفترة، بعد تفاقم حجم المشكلة التي رصدتها من واقع ردود الفعل حول المقالات السابقة، التي نشرتها في هذا الشأن، فلا مناص أن مشكلة الشيكات بدون رصيد لم تعد مشكلة بسيطة في بلادنا، بل أصبحت ظاهرة خطيرة استفحلت نتيجة التساهل في تطبيق القوانين، وأصبحت كابوساً يؤرق المتعاملين به، حيث لم يعد للشيك قيمة محترمة أو ثقة بين المتعاملين، كما هو الحال في معظم دول العالم، التي تفرض عقوبات صارمة جداً على مرتكبي جرائم الشيكات بدون رصيد. إن التساهل في تطبيق الأنظمة وتنفيذ العقوبات ترك الفرصة للعابثين والمتلاعبين لإصدار شيكات بدون رصيد، وأكل حقوق وأموال الناس بالباطل، فمن المفترض أن يكون الشيك أداة وفاء فوري، لصاحب الحق، فأي شيك لا يوجد له رصيد بالبنك لابد من إيقاف من يصدره، وتوقع عليه العقوبات المنصوص عليها، حتى يُرَد الحق الى صاحبه دون تأخير، ولابد أن يسدد خلال هذه الفترة، وإلا فرضت عليه العقوبات التي يفرضها القانون. فبالرغم من التعليمات الصارمة الصادرة من الجهات المختصة باحترام الشيك كاداة للثقة، فإنه اصبح أداة احتيال وليس أداة التزام، ويرجع ذلك الى التقصير الواضح في تطبيق بعض المواد المتعلقة بالجزاءات التي وضعت اصلا لردع كل من يعبث بهذه الورقة، فاستغلها البعض ليكون مجرد أداة لتأخير الدين، وليس للسداد العاجل!! ويستخدمها اصحابها سواء كانوا أفراداً او مؤسسات للتخلص من المسؤولية القانونية، والهروب من العقاب، الامر الذي ساعد على الاستهتار بتلك الورقة التجارية المهمة، وعلى تعميق فقدان الثقة فيها.المصادر المطلعة لدينا تشير الى وجود مشكلة كبيرة وخسائر مالية تقدر بالملايين، وأزمة ثقة متبادلة في استخدام الشيكات، من هنا نأمل من مؤسسة النقد وضع آلية تنسيق مع البنوك والجهات الحكومية الاخرى المختصة، لإيجاد شبكة معلومات عن المتعاملين بالشيكات المرتجعة، تساعد أصحاب الشأن على اتخاذ قراراتهم تجاه الطرف الآخر، وشطب السجلات والتراخيص المهنية والتجارية لمن تثبت مخالفتهم لنظام الشيكات، ومحاصرتهم من قبل الجهات الحكومية المختصة مثل وزارة الداخلية، من خلال الإدارات التابعة لها لوضع إجراءات إدارية نافذة.وللأمانة نقول: إن مشكلة الشيكات بدون رصيد تكمن في الجهات التنفيذية التي من المفترض أن تنفذ الأحكام، وعلى رأسها الجهات الأمنية، لردع المتلاعبين به، بعد أن باتت كظاهرة خطيرة، لم تقتصر أضرارها على من لهم حقوق مضيعة بل وعلى الاقتصاد الوطني.. فمن واقع الوضع المتصاعد نأمل من الجهات المعنية استحداث أنظمة وقوانين حديثة، تردع مرتكبي جرائم إصدار شيكات بدون رصيد، ذلك أن قضية إصدار الشيكات بدون رصيد حساسة جداً، وتوجب عقوبات تتناسب وحجم ما توقعه من خسائر للناس، وللاقتصاد الوطني، نقدر جهود الدولة الحثيثة في القضاء على هذه الظاهرة، الا أن المشكلة ليست في النظام، ولكن في تطبيقه، فهناك من يعمد الى لي عنق النظام، وتمييعه، مما أدى الى الاستخفاف به، وعدم الاكتراث بما يصدر من أحكام، لأنه يعرف انها ستطول وتطول حتى تزهق الارواح.التقارير والدراسات تثبت تزايداً كبيراً في قضايا الشيكات بدون رصيد، وستتزايد إن لم نجد لها حلاً فورياً، وإلى الغد وسلامتكم.