18 سبتمبر 2025

تسجيل

الأدب الفرعوني

01 أكتوبر 2013

فى هذا المقال أوجه لكم – أعزائى القراء – دعوة للتجول فى جنبات الأدب الفرعونى.. أدب الأجداد.. بغية التعرف على أنماطه حينما كانت مصر هى المنارة الهادية للعالم أجمع والذى – أى العالم - كان يخلد فى سبات الجاهلية ونحن كنا من نحن.. دعونا نتجول وسأترك لكم الحكم فى النهاية . جاء فى وصية الحكيم سنب حتب لإبنه : " أعد نفسك لتكون كاتبا وحامل قلم المعرفة .. إنها أشرف مهنة وأجدر وظيفة تليق بك وترفع شأنك وتقربك إلى الإله .. وما ستكتبه سيعيش فى قلوب الناس ووجدانهم فتعلم كيف تحرك القلم بأصابعك وكيف تحرك عقلك ..لايخط قلمك إلا الحكمة والمعرفة وما ينفع الناس ". من الفقرة السابقة يتضح لنا مكانة الكاتب المصرى القديم وما حظى به من مركز ممتاز فى المجتمع حيث كانت مهنة الكتابة من المهن المرموقة والتى تصل بعض مراتبها الى درجة التقديس وعن طريق الكتابة والتدوين حفظ لنا الأجداد تاريخ حضارتهم . والأدب الفرعونى مرآة صادقة لأصالة الحضارة المصرية القديمة وهى صاحبة الريادة فى وضع أول أبجدية لغوية فى العالم وكانت الفرعونية تكتب بثلاثة خطوط أقدمها وأشهرها الخط الهيروغليفى والذى تأكد وجوده عام 3200 ق م وكان ينقش بالأزميل على الحجر بعناية فائقة أو يرسم على ورق البردى الذى كان الفراعنة هم أول من صنعه فى العالم وبدون منافس لمدة تزيد على ثلاثة آلاف عام .. وكانت الأقلام تصنع من الغاب والبوص الذى كان ينتشر على ضفاف نهر النيل . وأقدم ما وصل إلينا من نصوص فرعونية كان فى مطلع القرن الثالث قبل الميلاد وآخر نص معروف يرجع إلى العصر الرومانى فى عهد الإمبراطور الرومانى تيودوسيوس فى عام 493 ميلادية .. وقد ساعد على ذلك الإكتشاف الذى توصل إليه العالم شامبليون – فى عشرينيات القرن الماضى - الى فك رموز وطلاسم هذه اللغة القديمه والتى ظلت مجهولة للعديد من القرون . وكان الأدب الفرعونى مسايرا للأحداث الداخلية والخارجية كما أنه كان يعرف بأدب السيرة الذاتية وهو ما نجده مسطرا على مقابر الملوك والقاده ويشتمل على لمحات من تاريخ حياتهم وأعمالهم وغزواتهم ليتذكرها أولادهم ومن سيأتى بعدهم من الأجيال التالية وهذا يؤكد مدى رسوخ فكرة الخلود لدى الفراعنه . ومن أنماط الأدب الفرعونى ما يمكننا أن نطلق عليه أدب الحكمة وهو أقدم الآداب فى العالم التى ترسى قواعد السلوك والقيم الخلقية التى يجب أن يتحلى الإنسان بها ولعل أشهر من كتب فى هذا النوع من الأدب هو الحكيم بتاح حتب الوزير المسن فيما كتبه لإبنه من تعاليم يوصيه فيها بعدم إساءة إستخدام الكلمه والإبتعاد عن التكبر بسبب المعرفه . ولعل أكثر أنماط الأدب الفرعونى شهرة هو أدب الشكوى وهو ما سطره فلاح يدعى " خون أبنو" وهو ما عرف فيما بعد بالفلاح الفصيح وقد نسيت الأجيال التالية اسمه ولم يعد أحد يتذكر سوى الفلاح الفصيح الذى أصبح رمزا للبساطة ومعرفة كامل الحقوق والمطالبة بها كاملة غير منقوصة بأسلوب أدبى بليغ تسوده البساطة المتناهية . ومن الطريف أن العديد من المثقفين والأدباء بل والجمعيات الأدبية اتخذت من أعمال وأسلوب الفلاح الفصيح مثلا ورمزا وتصدر كتاباتهم الأدبية والدرامية فى المسرح والسينما على السواء وأصبح مضربا للأمثال .