10 سبتمبر 2025
تسجيلكما جاء في العنوان، هل سبق وسمعت هذه الجملة من شخص مقرب اليك كنوع من اللوم لك بعد ان تغيرت قراراتك الحياتية؟ وهل قيلت لك وكأنك ارتكبت ذنباً او فعلت إثماً، وهل شعرت حينها بتأنيب الضمير رغم انك لم تسبب اي اذى لأحد بنمط حياتك الجديد او قناعاتك التي تبدلت؟. يعتقد الباحثون أن الشخصية تتغير مع ازدياد عمر الفرد ولكن ذلك يعتمد على تعريف التغير، فهناك نوعان محددان جدا من التغير يميل الباحثون إلى التركيز عليهما وهما التغير في ترتيب النظام والتغير على المستوى المتوسط وهناك عوامل وآليات مختلفة تؤدي إلى التغير في الشخصية والعديد من الطرق المختلفة لقياس بعض سمات الشخصية التي تميل إلى التغير في حين تميل بعض السمات الأخرى إلى الاستقرار وهناك العديد من الأشياء التي تؤدي إلى حصول تغيرات في شخصية الفرد أو عدم حصولها، فالوقت عامل في تغيير الشخصية وهناك ترابط بين اتساق سمات الشخصية مع زيادة العمر. ومع ذلك لا يتوقف تغير السمات في سن معينة فالتحولات البيولوجية والاجتماعية في الحياة قد تكون أيضا عاملا من عوامل التغيير وأيضا يحدث تغير في الشخصية عندما يراقب الأفراد تصرفات الآخرين وقد يحاكي الأفراد تصرفات الآخرين ومن ثم يستوعبون تلك السلوكيات لتصبح جزءاً من سلوكياتهم. وبالرغم من مهاجمة البعض للتغييّر الذي يطرأ في المجتمع كظهور سلوك جديد او نمط حياتي لم يكن معروفاً، الا ان البعض الآخر يجد متعةً شخصيةً في ان يجدد من افكاره او يُطور من مفاهيمه تماشياً مع سرعة الحياة وتسارع وتيرة الأحداث ويغير الأفراد سلوكهم استنادا إلى الأفكار في بيئتهم التي تنبعث منها المكافآت والعقوبات. إن التأرجح بين السعادة والتعاسة أهم ما يميز حياة غالبية الأشخاص، غير أن الاختلاف يكمن بالوقت الذي يستغرقه ذلك التذبذب بين المرحلتين، فالبعض قد يجد أن حياته تطغى عليها السعادة المشوبة ببعض المنغصات، وآخرون يجدون العكس تماما، وعلى هؤلاء أن يعلموا أن عليهم السعي بجدية لإحداث بعض التغييرات التي من شأنها أن تسهم باستقرارهم النفسي والروحي، الأمر الذي يعد أهم مفاتيح الشعور بالسعادة ويُعد التغير سنة من سنن الحياة، كما أن أكثر الناس ينتظرون حدوث أمر ما ليتغيروا، وهناك من يتغير عندما تحدث لهم صدمة، إلا أن أعظم التغير هو التغير المقصود النابع من إرادة قوية، وتقول الفكرة التي كانت شائعة في الماضي إن شخصية الإنسان ثابتة إلى حد بعيد، لكن تشير الأبحاث الأحدث إلى أن الشخصية تتغير في كل مراحل العمر، ويرافق هذا التغير غالبًا أحداث رئيسية في الحياة، ويرى البعض ان الخوف من التغيير يترافق مع الخوف من الفشل والنتائج المُحبطة في الأشياء التي لم تجربها أصلاً، ويرى الفيلسوف الإغريقي هرقليطس أن «الوجود في تغير دائم وتدفق مستمر» مشيرا إلى أن كل شيء يتحول باستمرار ولا يستقر على حال وعلينا ان نتفق ان التغيير من أكبر المخاوف التي تسبب الركود في الحياة، فنحن نعيش في عالم دائم التغير، ويحدث التغيير بسرعة أكبر من أي وقت مضى في العصر الحالي، وعلى الرغم من هذه الحقيقة فإن هناك الكثير من الناس الذين يخشون التغيير ويقاومونه بالتالي يفوتون الكثير من الفرص الواعدة التي تأتي في طريقهم المهني او الحياتي او يتعرضون لخطر الركود والبقاء عالقين في روتين الحياة اليومية. اننا نخشى التغيير إذاً لأنه يعني أن النتائج غير معروفة وبسبب الخوف من المجهول فإن أدمغتنا مصممة لإيجاد السلام في المعرفة، وعندما لا نعرف ما الذي سيحدث وما هي العواقب والمخاطر، فإننا نصنع سيناريوهات تخلق بدورها القلق، ولهذا يجد البشر صعوبة في المضي قدماً عندما ينتهي شيء يعرفونه، وأثبت علم الأعصاب أن عدم اليقين يشبه الفشل في أدمغتنا، لهذا السبب يفضل الكثير من الناس تجنب التغيير بسبب عدم الارتياح للمشاعر المرتبطة به. عموماً الكلام سهل، لكن ماذا عن الأدوات الفعلية، الواقعية، التي قد تساعدنا في تغيير أفكارنا؟ وماذا عن الخوف اصلاً من الإقدام على ذلك حيث ان هنالك جانبا آخر مهما للتغيير يتعلق بمدى تأثيره في تطوير ذاتنا ونمو شخصيتنا. فعندما نواجه التغيير، فإننا إما أن نسمح للخوف بالسيطرة علينا ومنعنا من تحقيق أهدافنا، أو أن نواجهه ونتحدى أنفسنا باغتنام فرصة جديدة لم نكن نتوقعها على الإطلاق، أو تحسين مهاراتنا، أو حتى تعلم مجموعة من المهارات الجديدة. عليك ان تعلم قارئي العزيز أن النجاح عبارة عن تغييرات بسيطة تراكمية وتكرارية، لذلك عليك أن تأخذ مسؤولية اتخاذ تلك التغييرات وأن تلتزم فيها التزاماً جدياً، ولا تجلد ذاتك في حال تراجعك عن التغييرات التي خططت لها، او تُصب بالإحباط لأنك رفعت سقف توقعاتك حيال ذلك التغير الذي اخترته، واعلم أن الحياة قائمة على مبدأ المحاولة والخطأ، فكثيرون يقاومون التغيير لأنهم ألفوا ما تعودوا عليه حين يدخل البعض في صراع حقيقي بين قناعاتهم والواقع المتغير، لذا فالتغيير يتطلب منا التحرك من الوضع الحالي الذي نعيشه إلى وضع جديد أكثر كفاءة وفاعلية. لهذا نجد أن التغيير الإيجابي هو سر النجاح والريادة والفلاح. لذا أقبل على التغيير لأنه المستقبل وصنع التغيير من خلال الجهد المنظم والمخطط لتحقيق أهداف التغيير. أخيراً: الوقت ليس هو العدو، بل الخوف من التغيير هو العدو. وبالمناسبة ان كان البعض ينتظر البدء فاليوم الاول من سبتمر يناديك لتبدأ التغيير متوكلاً على الله. [email protected]