15 سبتمبر 2025
تسجيلأعربت السلطة الفلسطينية عن استعدادها للمشاركة في "كل مبادرة إقليمية أو دولية" لإعادة إطلاق عملية السلام مع الإسرائيليين، بعيد إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن استعداد نظيره الروسي فلاديمير بوتين لاستقبال محادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في موسكو، هو رهان خاسر مرة أخرى، ولا يعني سوى المزيد من المتاهة للمشروع الوطني الفلسطيني. للعلم، نسمع يوميا في الكيان الصهيوني تصريحات لأحد قادته يؤكد فيها أنه لا دولة ثانية غير إسرائيل ستقوم بين النهر والبحر. نتنياهو رفض المبادرة الفرنسية جملة وتفصيلا. وهو يشترط تغيير مبادرة السلام العربية. كي تستجيب لشروط الأمن الإسرائيلي. وكان نتنياهو واضحا في خطابه الأخير في الأمم المتحدة عندما قطع الشك باليقين في إمكانية قيام سلام مع الدولة الصهيونية. فبرغم ما ينوف على اثنتين وعشرين سنة من المفاوضات مع الفلسطينيين، وبرغم وجود اتفاقيات ما يسمى بالسلام بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وبرغم الاستعداد الرسمي الفلسطيني لإقامة دولة على مساحة أقل من 22% من أرض فلسطين التاريخية، وبرغم مبادرة السلام العربية، لم يزدد رئيس الوزراء الصهيوني إلا تعنتًا وتنكرًا للحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية وفرضًا للمزيد من الاشتراطات على الجانبين. فوفقًا لما قاله نتنياهو آنذاك (ووفقا لتصريحات له منذ أسبوعين) جدد نتنياهو القول بأنه: لا يمكن لإسرائيل أن توافق على إقامة دولة فلسطينية. قبل قيام اتفاقية سلام بينها وبين الفلسطينيين. الذين عليهم القبول بوجود قوات عسكرية إسرائيلية في دولتهم أسوة بالقوات الأمريكية والأخرى الغربية المتواجدة في دول كثيرة من العالم كاليابان مثلًا. كما عليهم الاستجابة لشروط ومتطلبات الأمن الإسرائيلي كافة. ومن أجل الإثبات بأنهم ليسوا عنصريين. عليهم القبول بالمستوطنات والمستوطنين في هذه الدولة العتيدة. وفوق كل شيء عليهم الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل. بالطبع معروفة تمامًا اللاءات الإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية. الحكومة الإسرائيلية وإمعانا في المضي قُدمًا باستيطانها. تقضي بالموافقة أسبوعيا على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس الشرقية وباقي الضفة الغربية. بالتالي، فإن البعض من القادة الفلسطينيين وعندما يتصورون بإمكانية جنوح إسرائيل إلى التسوية. يخطئون تمامًا. وينطلقون من أساس خيالي ليس إلا! لأن الواقع بكل أحداثه وتجاربه يشي ويؤكد على أن: الكيان الصهيوني يفهم التسوية مع الفلسطينيين والعرب. باستسلامهم الكامل وخضوعهم للاشتراطات الإسرائيلية. والاعتقاد بالحق التاريخي لليهود في الضفة الغربية "يهودا والسامرة" فاليهود. سكنوا هذه المناطق منذ آلاف السنين (من وجهة نظره) لذا فإن من حق اليهود العودة إلى "وطنهم التاريخي" وإقامة دولتهم اليهودية عليه، وإن وافقت إسرائيل على إقامة حكم فلسطيني في بعض مناطق الضفة الغربية وغزة، فهذا لا يقوم على أساس حق الفلسطينيين في هذه الأرض وإنما هو "منّة" إسرائيلية وتخلٍّ عن جزء من "الأرض التاريخية" في سبيل السلام...هكذا يفهم الإسرائيليون التسوية. هذا بالفعل هو جوهر تصريحات الزعماء الصهاينة. الذين يحاولون فيها الإيحاء بالارتباط التاريخي بين اليهود وفلسطين وأجزاء أخرى من الوطن العربي! تأتي هذه التصريحات في القرن الزمني الواحد والعشرين! التسوية وفقا للكيان تعني: أن من حق إسرائيل أن تضم إليها ما تشاء من أرض الضفة الغربية، وما هو ضروري للدفاع عن حدودها، ولا عودة للاجئين، "والقدس ستظل العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل". والدولة العتيدة يتوجب أن تكون ناقصة من أي مظاهر سيادية أو حقوق كما للدول الأخرى. لذا فإن سلطة هذه الدولة (وحتى لو جرى تسميتها بالإمبراطورية) تتمثل فقط في الإشراف على القضايا الحياتية والإدارية للسكان، أي أنها في جوهرها ليست أكثر من حكم ذاتي هزيل. وبأمانة وموضوعية وواقعية بعيدة عن العاطفية. بل انطلاقا من معطيات الواقع. نسأل: هل من الممكن لفلسطيني أو عربي أو مسلم أو مسيحي أو إنساني عادل أن يتصور إمكانية قيام سلام مع هذه الدولة؟ سؤال نطرحه برسم كل الذين يتصورون ذلك!