27 أكتوبر 2025
تسجيلفلكياً يفترض أن يكون يوم بعد غد "الجمعة" هو أول يوم من شهر ذي الحجة حيث تنطلق قوافل الحجاج الى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج الفضيلة، وفي هذا اليوم تكثر أسئلة الناس عن حلق الشعر وتقليم الأظافر في العشر من ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، وقد اختلف الأئمة في هذه المسألة فقال أبو حنيفة: بجواز أخذ الشعر وتقليم الظفر للمضحي بلا كراهة، وذهب الإمامان مالك والشافعي إلى أنه مكروه كراهة تنزيهية . المغفور له إن شاء الله فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية بدولة قطر كان له رأي حازم في هذا الشأن وأوفى المسألة حقها برؤية العالم المتفحص لما يفيد الناس ولا يجعل بينهم فرقة أو اختلافا في المسائل الشرعية، وأورد ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي" وقال فضيلته إن هذا الحديث ورد من طريق أم سلمة وحدها، ولم يروه أحد من الصحابة غيرها. وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها على أم سلمة هذا الحديث مبينة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق من أحرموا بالحج، وذلك لكون أهل المدينة يهلون بالحج عند طلوع هلال ذي الحجة، قالت: ولقد فتلت قلائد هدى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمتنع من شيء كان مباحاً أي لا من الطيب ولا من النساء، ولا غير ذلك من شعره وأظفاره، ومكث عليه السلام في المدينة عشر سنين وهو يضحي عنه وعن أهل بيته، ولم يثبت عنهم هذا النهي. ومن المعلوم أن السيدة عائشة هي أعلم بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرف من أم سلمة بحديثه، ولو كان هناك نهي للمضحي عن أخذ الشعر وتقليم الظفر لما خفي عليها أبداً، ولكان من لوازم هذا النهي أن يشتهر بين الصحابة، ولم نعلم أن أحداً قال به ما عدا انفراد أم سلمة بحديثه. وقد عللوا هذا النهي بأنه تشبه بالمحرم، وقول عائشة — رضي الله عنها هو المعقول المطابق للحكمة، ويؤكد فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد على كلا القولين فإن الرجل والمرأة لو أخذ كل منهما من شعره أو قلم أظفاره وأراد أن يضحي فإن أضحيته صحيحة بلا خلاف. اختلاف العلماء رحمة كما يقال وشعائر الأضحية فيه معنى التشبه بالمحرم، لا يتحلل إلا بعد ذبح الهدي.. فالحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار، وقيل: للتشبه بالمحرم، حكى هذين الوجهين النووي وحكى عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني غلط، لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم. إنما الاعمال بالنيات، فاعزموا على الأضحية واتركوا صغائر الأمور وتفرغوا للعبادة في هذا الشهر الفضيل عسى أن يتقبل من حجاجنا المغفرة ويعودوا إلى أهلهم وذويهم بحج مبرور وذنب مغفور ويلتئم شملهم مع فرحة عيد الأضحى المبارك. وكل عام وأنتم بخير وسلامتكم.