19 سبتمبر 2025
تسجيلأكد القنصل الأمريكي العام في القدس خلال لقائه مع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات (الجمعة 26 أغسطس الماضي) , أن بلاده ستستخدم الفيتو, وأن الكونغرس سيقطع المساعدات في حال أصر الفلسطينيون على عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة. وقال القنصل دانيال روبنستاين وفق بيان صادر عن عريقات "إن بلاده لا ترى أية فائدة أو جدوى من السعي الفلسطيني للحصول على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة , وأنه من الأفضل أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام عبر مفاوضات مباشرة مع إسرائيل". من ناحية ثانية، وبحسب بيان لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية(وفا), فإن المبعوث الصيني لعملية السلام في الشرق الأوسط دو سيكا, أكد أثناء تسلمه رسالة من الرئيس الصيني هو جين تاو للرئيس عباس في استقبال الرئيس الفلسطيني له،"على دعم الصين الكامل لموقف القيادة الفلسطينية بالتوجه إلى الأمم المتحدة لنيل عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة , وأنها ستصوت لصالح القرار باعتبارها عضوا دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي". هذا وتتوالى اعترافات دول العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 , ومن آخر هذه الدول: السلفادور , بعد قيام عدد من دول أمريكا الجنوبية والوسطى بخطوة مماثلة , وبذلك يصل عدد الدول المؤيدة للخطوة الفلسطينية إلى حوالي 130 دولة. التهديد الأمريكي للسلطة الفلسطينية باستعمال حق النقض(الفيتو) في مجلس الأمن , أثناء عرض المشروع الفلسطيني هو أمر مؤكد , فواشنطن كانت أكثر من واضحة منذ فترة طويلة تجاه هذه القضية ,لكن التهديد بقطع المساعدات عن السلطة إذا هي أعادت الكرّة في عرض الموضوع على الجمعية العامة هو تهويل ليس إلاّ، ذلك أن واشنطن تعي: بأنها وإن قامت بقطع المساعدات عن السلطة فإن الدول الأوروبية ستتبعها، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى التسبب بمشكلة حقيقية للسلطة الفلسطينية , فقد تتماسك والحالة هذه فترة شهرين إلى ثلاثة أشهر، لكن وإن استمر القطع فسيؤدي ذلك إلى انهيار السلطة،وتبعات هذه المسألة : أي إمكانية حلها. لقد راودت هذه القضية العديد من المسؤولين الفلسطينيين الذين هددوا باتخاذها في حالة فشل العملية السلمية، وقطع المساعدات عنها، ولم يكن التهديد أكثر من عملية ضغط ليس إلاّ،فالمسؤولون الفلسطينيون يدركون تداعيات هذا الحل على المعسكر الغربي برمته.التهديد الأمريكي بقطع المساعدات هو أيضاً محاولة ضغط أخيرة على السلطة لتغيير موقفها من عرض الموضوع على الأمم المتحدة، لكن واشنطن حتى وإن مارست قطع المساعدات شهرا أو شهرين لكنها ستكون معنية ببقاء السلطة, وستستأنف هذه المساعدات أو ربما ستلجأ إلى القطع بضعة شهور أخرى , لكنها ستعمل على تشجيع حليفاتها على تعويض المساعدات التي أوقفتها عن السلطة وذلك لاعتبارات كثيرة أبرزها: أولاً": إن هذه السلطة هي نتاج لاتفاقيات أوسلو، التي أبرمها جانب رسمي فلسطيني مع إسرائيل , والتي شكّلت ولا تزال تغييراً جذرياً في المسار الوطني الفلسطيني, فهي كرّست الاعتراف الرسمي للقيادة المتنفذة الفلسطينية, في إسرائيل، وحوّلت مرجعية القضية الفلسطينية من القرارات الدولية المعّبر عنها في قرارات الأمم المتحدة حول الحقوق الفلسطينية، إلى الاتفاقية الموقعة, والتي تقضي بإخضاع الحقوق الأهم للفلسطينيين: كحق العودة والقدس والمياه وحدود عام 1967 وغيرها إلى مفاوضات الوضع النهائي, بما يشكله ذلك من تراجع رسمي فلسطيني . كما أدت هذه الاتفاقيات إلى إلغاء كافة البنود المتعلقة بالكفاح المسلح من الميثاق الوطني الفلسطيني, كما جرى في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في غزة عام 1996 وبحضور الرئيس الأسبق كلينتون شخصياً. هذه القضايا هي مكسب إسرائيلي -أمريكي كبير, وحل السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى ضياع هذه المكاسب للدولة الصهيونية ولحليفتها الرئيسية: الولايات المتحدة. ثانياً: السلطة وبالمعنى الفعلي أراحت إسرائيل من وظيفة الاحتلال المباشر للأراضي الفلسطينية، وتحمل التكاليف الاقتصادية لهذا الاحتلال, كما الوظيفة الأمنية أيضاً في منع العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني، فإستراتيجية السلطة هي السلام مع إسرائيل من خلال التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض، وقامت بحل الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة, واعتبرتها تنظيمات غير مشروعة , وهي لاحقت وما تزال كلَّ مقاومي الاحتلال،توقفهم في سجونها وتعتقلهم،هذا عن الإشراف الأمني للولايات المتحدة مباشرةً من خلال دايتون وخليفته على الأجهزة الأمنية الفلسطينية , وكذلك التنسيق الأمني بين هذه الأجهزة ومثيلتها الإسرائيلية.الولايات المتحدة تدرك تماماً إن هي قطعت المساعدات عن السلطة , فسيؤدي ذلك إلى بعثرة هذه الوظائف, وهذا ما لا تريده بأي حالٍ من الأحوال. ثالثاً: استفادت إسرائيل وأمريكا من اتفاقيات أوسلو،بالإيحاء دولياً بأن حلاً ما يدور بين الفلسطينيين وإسرائيل، مع العلم أن الأخيرة زادت من تنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية، وزادت من استيطانها في الأراضي المحتلة، وزادت من اشتراطاتها على الفلسطينيين والعرب مقابل التسوية معهم، وهي قصدت وما تزال اختزال الحقوق الفلسطينية في حكم ذاتي للفلسطينيين, وبالضبط هذا ما تمثله السلطة في ظل إبقاء مضمون الاحتلال, مع وجود تغير في شكله فقط، وهذا ما هو حاصل بالفعل. تطبيق شعار الدولة الفلسطينية المستقلة واقعا على الأرض بحاجة إلى ميزان قوى يفرض إقامة هذه الدولة, وهذا لن يتأتى لا بالمفاوضات ولا بمناشدة العالم لإسرائيل، وإنما بالمقاومة , والمسلحة منها تحديداً , بذلك يمكن فرض هذه المسألة على العدو الصهيوني.