10 سبتمبر 2025

تسجيل

رحل هنية ومنه ألف هنية

01 أغسطس 2024

وترجل فارس المقاومة الفلسطينية عن صهوة ما كان لأحد أن يترجل عنها مختارا في غارة جوية صهيونية استهدفت مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران فجر أمس الأربعاء ليرحل إسماعيل هنية بعدها تاركا وراءه من يعقبه ومن سوف يظل على فكر المقاومة الفلسطينية المشروعة ضد احتلال إسرائيلي ممتد منذ أكثر من 72 عاما مارست إسرائيل خلالها مئات المجازر في حق أطفال وشيوخ ونساء وشباب فلسطينيين ولا تزال تمارس أبشع جرائمها على مرأى العالم، ولن يكون دم هنية بأغلى من دماء من سبقه ويعقبه من الشهداء الفلسطينيين ولكنها الوقاحة الإسرائيلية التي لم تلق لها رادعا والتي تجعلها تتمادى في إجرامها الذي لا يمكن أن يخفي رعبها من رجل لم يكن يملك سوى لسان فصيح يقض مضاجع نتنياهو وعصابته وكل حكومات إسرائيل المتعاقبة التي كانت وظلت مرعوبة من هذا الرجل الذي لاحقته حتى مقر إقامته وهو كان ضيفا على إيران بغارة قيل إنها كانت موجهة لجسده مباشرة لضمان اغتياله وبصورة تجعل تل أبيب الليلة هانئة لكنها ليست بآمنة أبدا. بعيدا الآن عن العبارات والاستعارات وأبعاد التشبيهات التي بدأت بها مقالي في السطور السابقة ولننظر للأمر من باب ما يمكن أن تكون عليه هذه الجريمة التي أدانتها الدول الحرة ومنها قطر والصين ولبنان وأفغانستان وتركيا وروسيا وإيران والتي باتت أجواؤها (سداحا مَداحا) للغارات الإسرائيلية بحيث استطاعت أن توجه صاروخا من خارج الأراضي الإيرانية لمقر إقامته في قلب طهران رغم تنقله الفترة الماضية بين بكين والدوحة ولكنها باتت رسالة للحكومة الإيرانية بأن إيران ما عادت آمنة سواء لقيادات الحرس الثوري الإيراني أو لقادة المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية من حزب الله، وهذا يأتي بعد سلسلة من العمليات التي استهدفت قيادات مختلفة داخل إيران، لا سيما وأن طهران حتى الآن لم تبد أي ردة فعل ملموسة عقب أي عمليات اغتيال ينفذها الموساد الإسرائيلي المتتبع لحركة القيادات التي تقف وراء زلزلة أمن إسرائيل ولذا على طهران أن تتوقف عند نقطة اغتيال هنية لتراجع عجزها من تأمين أجوائها بل وسيادتها على أراضيها وإن الرسالة الموجهة بعد اغتيال هنية لا يمكن لطهران أن تتجاهلها أو تغطي على هذا الوهن بعبارات رنانة وتهديدات لا تتجاوز الصفحات الرسمية للحرس الثوري أو الخارجية الإيرانية فإسرائيل تعمل على تقوية جبهاتها بتوثيق علاقاتها مع بعض الدول المجاورة لإيران وهذه العلاقات بلا شك تسهم في تقوية شوكة إسرائيل المغروسة في الخاصرة العربية والإسلامية بينما وضعت الولايات المتحدة الأمريكية إيران تحت طائل عقوباتها وحصارها الذي عزلها بصورة ما عن ما يمكن أن يعيدها للساحة السياسية بعيدا عن مشاكلها المربكة مع أوروبا وواشنطن والعداء الذي لم تتحدد ملامحه ضد إسرائيل ناهيكم على أن المواقف العربية المتباينة من حركة حماس كحركة مقاومة فلسطينية مشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي جعلتها عدوة لها إذا ما تحدثنا عن العلاقات العربية الإسرائيلية التي تشهد نموا وتقدما رغم الحرب الدامية والوحشية على قطاع غزة وما أنا متأكدة منه أن المقاومة الفلسطينية لن تتوقف عند عتبة اغتيال هنية أو غيره لأن المقاومة في نظري هي فكر وإرث ولا تتحدد في شكل شخصيات يكون اغتيالهم وقودا لإشعالها لا إخمادها وربما تكون تل أبيب قد نامت البارحة سعيدة وارتفعت أسهم نتنياهو الباحث عن قشة ليتعلق بها لكنها بلا شك لن تهنأ الليلة التي تليها فهنية له ألف هنية يرثه وملايين ترث فكره ومنهجه ومن غاب ليس مثل الذي يظهر وهو يحمل فكر انتقام لمئات الآلاف من الشهداء كما أن المقاومة التي شرعها العالم في أوكرانيا ودحرت الغزو الأمريكي من فيتنام سوف تظل قائمة في فلسطين لأن الساحة لا تتحمل دولتين على أرض فلسطينية التاريخ والهوية والجنسية والفكر والأرض.