17 سبتمبر 2025
تسجيلقبل أسبوعين تقريباً كتبت مقالاً بعنوان "مركز البيانات الوطني"، كنت قد طرحت فيه فكرة إنشاء هيئة مختصة موحدة لإدارة البيانات والمعلومات، تقوم بتخزين البيانات المتعلقة بالمواطنين والمقيمين في منصة واحدة وتوفيرها للجهات الحكومية وشبه الحكومية عند طلبها لسرعة إنهاء المعاملات المتعلقة بهذا الشخص. وقد لاقت فكرة المقال ردود أفعال مختلفة، فهناك من استحسن الفكرة، ورأى أنها سوف تساعد وتسهل من إنجاز المعاملات، كما سترفع من مستوى الخدمات المقدمة للمراجعين في مراكز الخدمات المختلفة، التي بدورها ستساهم في زيادة الإنتاجية الوظيفية، وفي المقابل هناك من تحفظ أو عارض الفكرة جملة وتفصيلاً، وعلل ذلك لأسباب سأوجزها وأناقشها وسأحاول تقديم الحلول المناسبة لها. وقبل أن أبدأ في مناقشة العقبات أو التحفظات على مقترح إنشاء هيئة أو مركز البيانات أو المعلومات الوطني، أود أولاً أن أشكر جميع من تفاعل مع المقال، وأبدى وجهة نظرة سواء بالسلب أو بالإيجاب، كما أشكر جريدة الشرق الغراء الذين تبنوا الفكرة، وذلك من خلال التحقيق الذي نشر بعنوان "المواطن حائر بين المنصات الذكية"، وتم نشره بعدد يوم الاثنين بتاريخ 26 من الشهر المنصرم. ولعل مجمل التحفظات على الفكرة تدور في فلك الهاجس الأمني للمعلومات والبيانات وحماية الخصوصية الشخصية للمواطنين والمقيمين على حد سواء، فوجود قاعدة بيانات موحدة للمعلومات لا شك أنها في المقام الأول حمل وعبء ومسؤولية كبيرة ستلقى على عاتق الجهة التي ستتولى استضافتها وإدارتها وحمايتها، وثانياً ستكون غنيمة كبيرة لمن يريد الولوج والحصول على مثل هذه المعلومات القيمة، وعليه فإنه من المخاطرة إنشاء قاعدة بيانات يمكن أن تعرض أمن المعلومات الشخصية لمخاطر الاختراق والقرصنة. ولكن قبل أن نتمادى في تحفظاتنا ومخاوفنا الأمنية ورفض الفكرة، دعوني أطرح بعض التساؤلات، ألا توجد قواعد بيانات مشابهة تم إنشاؤها منذ فترة طويلة وما زالت حتى وقتنا الحاضر تستخدم من قبل منصات حكومية مختلفة كقاعدة بيانات مطراش2 وتوثيق والنافذة الموحدة وعون وغيرها من قواعد البيانات؟، أليست هذه القواعد مربوطة بالشبكة العنكبوتية وعليها أنظمة حماية مختلفة؟، أليست البنوك والمصارف التجارية مربوطة بشبكة بيانات مع المصرف المركزي وتحتوي على جميع المعاملات المالية للبنوك والشخصية للعملاء؟، ألا يمكن اختراق مثل هذه القواعد البياناتية أم أنها غير قابلة للاختراق؟. في وجهة نظري المتواضعة، إن الإجابة على جميع هذه التساؤلات يغنيني عن المناقشة والرد على التحفظات والمخاوف التي أبداها الإخوان بما يخص الهاجس الأمني، فكما أن قواعد البيانات التي ذكرتها محمية منذ فترة طويلة وما زالت فعّالة وعاملة ولم نسمع أو نقرأ أنه تم اختراقها أو التجسس عليها، فليس من الصعب إذا حماية قاعدة بيانات جديدة تقوم على نفس المفهوم ولكن بشكل أكبر. كما أن فكرة مراكز البيانات موجودة ومطبقة في الكثير من الدول الغربية والشرقية ومنذ فترة ليست بالقصيرة وما زالت قائمة حتى يومنا هذا، فما المانع من التعاون مع هذه الدول التي سبقتنا في هذا المضمار وتطوير وتوحيد أنظمتنا الخدمية الإلكترونية. إن إنشاء مركز موحد للبيانات من خلال ربط المنصات الحكومية المختلفة، سوف يساعد على دمج الأصول الرقمية الحكومية المتعلقة بالجمهور، وسيمكن من تقديم خدمات وتحسينات مستمرة للمواطنين والمقيمين، وسيمكن الجهات الحكومية والخدمية المختلفة من تقديم خدمات سريعة ومتطورة تلبي توقعات متلقي الخدمة، وأخيراً سوف يساعد في عملية التحليل والتقييم للبيانات لتطوير وتحسين الخدمات بشكل مستمر. وفي الختام أقول: أنا لست خبيراً في تكنولوجيا المعلومات، ولا عالماً بصيراً في الأمن السيبراني، ولكن بما أن هناك منصات حكومية قائمة بالفعل ومنذ زمن طويل، وتمتلك هذه المنصات قواعد بيانات ومعلومات على درجة عالية جدا من الأمان والحماية والخصوصية، فما المانع من العمل على ربطها وتطوير بروتوكول تقني ونظام أمني تتم إدارته من قبل جهة حكومية مركزية؟. @drAliAlnaimi