13 سبتمبر 2025

تسجيل

بل الحسم العسكري أولى من الانسحاب المخزي

01 أغسطس 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "عاصفة الحزم" في اليمن التي أعلنها مليكنا الحازم سلمان بن عبدالعزيز، لم تكن برأيي مجرد ردع لأطماع إيران في اليمن، والوقوف مع الشعب اليمني وإعادة للشرعية فحسب؛ بل كانت إعادة أمل للأمة بأجمعها، بعد أن تبخرت في الخلافات العميقة التي ضربت الدول العربية، وتبددت ونحن نرى الأمريكي والغرب معه تكالبوا علينا وخذلونا، واتجهوا لإيران لتنصيبها شرطيا على المنطقة. "عاصفة الحزم" أعلنت أننا قادة العالم الإسلامي، وقبلنا ذلك بكل أكلافها علينا، لذلك أعجب من هذه الدعوات التي بدأت بالجهر، بضرورة أن تعلن السعودية وقف الحرب، وانسحابها من اليمن، بعد كل الذي دفعناه من شهداء وأموال، وجهود خارقة لجمع كلمة الأمة، وانضواء دولها تحت راية التحالف، وواهمون هؤلاء الذين يظنون أن المسألة فقط منحصرة في البقعة الجغرافية لجنوبنا، وهم يرون الطوق الصفوي الأسود الملتف علينا من الجهات الثلاث، ولولا "عاصفة الحزم" لاكتمل علينا، وبقيت دول الخليج رهنا للصفوي الإيراني وطائفيته المقيتة التي يزرعها في كل الدول العربية والإسلامية، وقد سُلبنا إرادتنا وارتهنا لذلك الفارسي البغيض، العدو التاريخي الأبدي لنا. مثل هذه الدعوات التي تطالب السعودية بالانسحاب من التحالف، فضلا على أنها نوع من التحبيط والتخذيل لجنودنا المرابطين هناك في اليمن؛ تفتقر لأدنى مقومات الرؤية البعيدة التي تقول إننا بهذا الانسحاب اليوم، سنترك الغول الصغير يكبر في الغد، ونحن على تماس مباشر مع اليمن الشقيق، والملايين من الدولارات التي يتباكون عليها أنها تهدر يوميا في الحرب، ستتحول لمليارات في الغد سننفقها، لكبح جماح الغول الكبير الذي ربما يقارعنا وقتها بل وبإمكانه التهامنا، فضلا عن أن الاستجابة لهذه الدعوات النشاز ستبدد كل الثقة بنا وبسياستنا، وكل السمعة والكاريزما الكبيرة التي تحصَّلنا عليها في عموم العالم الإسلامي، سترتد سلبا علينا ومواقفنا في المستقبل من قضايا أخرى، والصحيح أنّ على جيش التحالف حسم المعركة عسكريا وبوقت أسرع، وقد كدنا نفعل ذلك قبل أشهر، وكنا على مشارف صنعاء، لولا تدخل الغرب واحتجاجاته، وخشية قيادتنا على أرواح المدنيين. الأفعى الكبيرة علي عبدالله صالح والحوثيون معه، أعلنوا عن مجلس سياسي وعسكري يدير اليمن، فيما يماطل الوفد الحوثي في الكويت، برغم موافقة الحكومة الشرعية على القرار الأممي الأخير الذي تقدمت به الأمم المتحدة، ووقعت عليه، وامتنع الحوثيون لحظة كتابة هذه السطور عن التوقيع، وشخصيا لا أعول كثيرا على مسألة السلام، لأن كليهما - صالح والحوثيين - أهل غدر ولا يوثق فيهم، وسينقضونها ولن يلتزموا بها أبدا. تصوروا أن الحوثيين قاموا بـ13448 خرقا منذ بدء الهدنة 10 أبريل وحتى 11 يوليو الماضي، بحسب إحصائية صادرة عن لجنة التهدئة اليمنية ونشرتها صحيفة "عكاظ" أسفرت عن مقتل وإصابة 1681غالبيتهم مدنيون. من تذوق حلاوة السلطة والقوة والحكم، لن يتنازل أبدًا عنها بسهولة. لم يعلن صالح والحوثيون معه عن مجلسهم السياسي لإدارة اليمن، إلا أنهم لملموا قواهم الواهنة ووحدوا جهودهم المبعثرة، وباتوا في وضع أفضل، وبرأيي من الضروري ضرب التعاون بينهما، ولا يتأتى هذا إلا بملاحقة هذا الأجوف صالح قانونيا كمجرم حرب، وليِّ ذراعه بطريقين: أرصدته التي بلغت 60 مليار دولار والتي جمعها عن طريق الفساد طيلة ثلاثة عقود حكم فيها اليمن، وقد صدر قرار عن الأمم المتحدة يطال علي صالح وابنه أحمد وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي وقائدين آخرين هما عبدالله يحيى الحكيم وعبدالخالق الحوثي بتجميد أموالهم، وقامت بعض الدول كتركيا بتفعيل القرار، إلا أن دولا عديدة – منها عربية للأسف - لم تلتزم بذلك، وآن الضغط بقوة في هذا الاتجاه. أما الطريق الثاني، فعن طريق أبناء علي عبدالله صالح وعائلته أيضا الذين يعيشون خارج اليمن. للأسف فإن المبادرة الخليجية عام 2011 أسقطت الملاحقات القانونية لجرائم الحرب التي ارتكبها صالح، ومن المهم إعادة النظر في ذلك، فذلك الأفعى إن لم تهدد بأحب شيئين لها: المال والبنون، فلن يرضخ ويتراجع عن غيّه. شهدنا في حدودنا الجنوبية خلال الأيام الفارطات هجوما وعلى عدة جبهات من الحوثيين، هي أقرب للانتحار منه على خرق الحدود، وتقرأ على قمصان قتلى الحوثيين شعارات دينية، ملأ أشياخهم الدينيون رؤوسهم الفارغة، لينتهوا برصاصات أبطالنا في الحد الجنوبي وهم يتصدون لهم، واصطادتهم "الأباتشي" كجرذان يتخفون بين الجبال، ويقينا أنهم سيعاودون الكرة تلو الكرة، وللأسف وقعت خسائر في الأرواح بين جنودنا الذين ضحوا بأرواحهم فداء لتراب هذا الوطن، مما يجعلني أنادي بضرورة مشاركة المجتمع في تكريم هؤلاء الشهداء، والرفع من معنويات جنودنا المرابطين، فثمة ملاحظة بينة بأن النخب وشرائح المجتمع لا تعيش أجواء الحرب، ومن المهم أن نقوم بواجباتنا تجاه أبطالنا هؤلاء، وإشعارهم بأن كل الوطن مقدِّرٌ لما يفعلون. لم يقصِّر وزير الدفاع الشجاع محمد بن سلمان الذي أمر بمليون ريال لذوي كل شهيد من أبطالنا، وتوظيف زوجته وأبنائه ومنحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة ونوط الشرف، ومنح ذويه قطعة أرض مساحتها 30*30 داخل الأحياء السكنية، وتحجيج ذويه بمعدل خمسة مقاعد ضمن الحملات الممتازة. بيد أنني أطالب أن يقوم المجتمع أيضا بدور في تكريم هؤلاء الشهداء عبر إطلاق أسمائهم على الشوارع والمدارس الجديدة في المدن التي ينتمي لها الشهداء، وتأمين سكن للأيتام الذين خلفوهم. وأكثر من ذلك أن تقوم البنوك والشركات الكبرى بدعم الجنود الحاليين، عبر صندوق تكافلي، يقوم بتسديد ديونهم، وإيجارات شقق عائلاتهم التي يقطنون، وفواتير الكهرباء والاتصالات، تشعر أبطالنا على الجبهات أن كل المجتمع معهم، ويشد من أزرهم، كي ينهوا سريعا الحرب هناك. الدعوات التي تطالب المملكة بانسحابنا من التحالف في هذا الوقت غير موفقة، ووضع ثقلنا في حسم عسكري سريع هو الأنسب والأنجع.