14 سبتمبر 2025
تسجيلتعطي تقارير الاستحواذ في الوطن العربي نظرة تفاؤلية للاقتصاديين رغم التأثيرات السلبية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، ومحاولات اليورو الجادة لاحتواء أزمات الانهيار المالي. يشير تقرير دولي إلى أنّ نشاط الاندماج والاستحواذ في الوطن العربي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في الربع الثاني من 2012، فقد بلغ عدد الصفقات "43" صفقة قدرت قيمتها بنحو "16،73" مليار دولار مقابل "1،6" مليار دولار حصيلة صفقات الربع الأول من العام الحالي. وينظر التقرير إلى قطر نظرة متعمقة لكونها اقتصاداً واعداً، فقد استحوذت على المركز الأول في عمليات شراء العقارات التاريخية والشركات القوية تليها الإمارات ثم الكويت، وهي تعكس الاهتمام الكبير للاقتصاد المحلي في اقتناص الفرص الاستثمارية المناسبة في العالم، ورغبة الجهاز الاقتصادي في تنويع مصادر الدخل بمجالات رحبة. يعني الاندماج والاستحواذ بالمفهوم الاقتصادي قدرة الشركات العملاقة على احتواء عدد من الشركات في توليفة واحدة، وإدارة التعامل من بيع وشراء بحيث يتم الجمع بين تلك الكيانات في شركة عملاقة يمكنها خوض السوق بقوة، ولديها قدرة تنافسية لمثيلاتها. تتجه أنظار الاقتصاديين في عالمنا إلى الاستحواذ على قطاعات المال والبنوك والفنادق والخدمات والترفيه والإعلام، حيث تشكل الكيانات القائمة الحالية فرصة مناسبة للاستحواذ عليها لكون الأقطاب الاقتصادية الكبرى تعاني من تداعيات أزمات مالية ما زالت آثارها موجودة، ومن مخاوف تذبذب أسواق الأسهم العالمية. كما تسعى الأسواق الناشئة إلى تعزيز مكانتها بدفع محفزات النمو خلال السنوات الخمس القادمة، وقد تستحوذ على "41%" من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 مقارنة بنسبة "31%" العام 2012، كما تسعى الاستثمارات الخليجية إلى توجيه استثماراتها في المشروعات التوسعية والخدمية ومنها قطر التي تفوقت على مثيلاتها في الاستحواذ وامتلاكها عدداً من المؤسسات العريقة والفنادق والبنوك. ويبين التقرير أنّ قطر نجحت في الاستفادة من الفرص المواتية وتمكنت من الاستحواذ على الشركات في أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى امتلاكها حصصاً في البنوك والعقارات والأسهم والمصانع رغم الوضع الراهن. لم يتوقف الاستحواذ القطري على الاستثمارات العالمية، إنما نجحت في الاستحواذ محلياً في قطاع الشركات العريقة وارتباطها بشركات أخرى لتقوية أدائها ونظامها المالي. ويعزز من قوة أداء الاستحواذ متانة الاقتصاد الصناعي وارتفاع مؤشرات النمو فيه، وهذا ما أورده تقرير مجموعة "كيو إن بي" الذي أصدر مراجعاته بشأن مستقبل الأداء الاقتصادي في الشرق الأوسط متوقعاً نمواً "5،5%" في العام الحالي، كما توقع صندوق النقد الدولي نمواً مضاعفاً قد يصل إلى "6%"، نظراً لزيادة الطلب على النفط وقوة النشاط الصناعي ونمو مؤشرات البناء والتوسع في إنتاجيات الطاقة والغاز. أضف إلى ذلك نمو مؤشرات القطاع العقاري فقد عزز تقرير الأصمخ للمشاريع العقارية من الأداء القوي لأنشطة القطاعات، مؤكداً أنّ العقار ركيزة مكملة للنمو خاصة المنشآت المزمع بناؤها لاستضافة مونديال 2022. ومن المؤكد أنّ النظرة الإيجابية للاستحواذ القطري على منشآت عالمية تستند إلى قوة الأداء في مصادر النمو الصناعي والعقاري والإنشائي، وأنّ غياب هذا النمو سيؤدي إلى إخفاق العديد من الصفقات وكلنا يعايش اليوم التعثر العالمي في الأداء الدولي بسبب ضعف الركائز التي يستند عليها مالياً وصناعياً وأدائياً. فالتوجه الاستثماري المحلي نحو فتح آفاق جديدة في السوق العالمية حقق مكانة مميزة، مما أدى إلى تحقيق عوائد مالية مناسبة.