31 أكتوبر 2025
تسجيل* تمر الأيام سريعا من عمر الإنسان، بين ذكريات ووجوه ومواقف وتراكم خبرات وكم المشاعر، وما يمر خلاله في رحلة عمره وحياته من محطات وقوف ومحطات عبور يلتقي خلالها وجوها لا يعرفها ووجوها قد يعرفها، وقد يكون التقى بها في عالم تلاقت فيه الأرواح قبل أن تتلاقى واقعا وحياة. * أجمل ما يشعر به الإنسان من سعادة وإنجاز ما يشعر به من قرب حقيقي من روحه وأعماقه وذاته وما يصل فيه الى تصالح وقرب من ذاته بحب واهتمام في زحمة انشغاله وتعبه، أو زحمة الأمنيات والأحلام التي تراوده ولا يفتى أن يسقطها من أمنيات كل عام يحتفل فيه بميلاده حتى وإن لم تتحقق!. * كل منا يسكنه عمر وأعمار وطفل بريء يرفض أن يتقدم بالعمر أو يكبر أو ينضج او أن يغادر ويبتعد، هذا الطفل هو الروح النقية الصادقة الشفافة التي قد يتجاهلها وينساها كثير من البشر ظنا منهم أن البراءة ضعف، وأن التصرف بعفوية خفة وسذاجة، وأن حوار ومجالسة طفل مضيعة للوقت. * الطفل الذي يعيش داخلنا وأساس شخصياتنا ونضوج عمر وعقل وروح ومشاعر مهمة وجميلة في كل ذكريات أعمارنا، هناك من يسكت الطفل ويؤنبه لأنه لم يعش طفولته بكل مراحلها. * وكما الطفل رفيق رحلة أعمارنا فهناك رفيق الحكمة والصبر من يسكن أعماقنا وكان اساس تكوين تجاربنا من كهل وشيخ وعمر إنسان قد يهمل وينسى ويترك وحيدا، هذا الحكيم والكهل والشيخ كما قد يطلق عليه يمثل سنوات حياة إنسان سبق عمره الحقيقي ليقبل عليه ويكون ضمن ساكني أعماقه، ليربت على كتفه في لحظات ضعفه، وليمنحه حكمة سنين لم يعشها في زمن حيرة يفتقد فيه سندا يتكئ عليه، ويرشده لرؤية وتجربة وخبرة عمر لم يكن ضمنها، هذا الشيخ الهادئ كثير الصمت والتفكر وجد في أعماق الإنسان ليؤدي دورا مهما قد يفتقده حوله في عقول بشر وحكمتهم. نجده في ضعف يمسح دمعه ويرفع روح الإنسان من ألم وحزن يظنه هما وهو عند الحكيم لا شيء! لنصغي لهذا الصوت الهادئ متى ما أخذتنا ظروف الحياة وأمواجها إلى سيناريو وأرصفة وشواطئ لم نكن نتوقعها ونتخيلها أن تكون ضمن تجارب عمر نعيشه. * كل منا يرافقه شاب طموح تتزاحم أمامه أمنياته ورغباته وصور، وكم الأحلام والطموح والانجازات التي يرغب في تحقيقها، يود في اللحظة التي يعيشها أن يكون كل شيء وفي كل مكان هو الشيء المهم والشخص الذي تلتفت إليه الرؤوس وتصغي له الأسماع وتبرق له الأحداق وتهفو الأرواح للاقتراب منه وطلب وده ورضاه وأن يكون برومانسية جميل وقيس ونزار عصره. * مرحلة عمر دوما نريدها معنا ولا نود أن يهدأ تقدمه ولا أن يصمت صوته ووجوده، لأنه هو التعبير والصورة التي يراها من حوله، ودافعا دائما لوجوده وتميزه دون أن يتجاهل باقي الأدوار ولا يهمل من هم معه ومن هم أمامه. * آخر جرة قلم: لنعتن بأرواحنا وأعمارنا وأعماقنا من أن يصيبها جفاف مشاعر أو ضعف ووهن وحزن أو عزلة وهدوء وصمت، لنكن مع الطفل بالعفوية والصدق والبراءة والضجيج والبكاء الذي يكسر سكون وهدوء صمت شيخ ونستدع رأيه وحكمته. ونختر ونرافق الشاب وطموحه وفرحه وتقدمه، ونسكن للأنثى بحيائها وصمتها وجمالها وهدوئها وحضورها وصبرها معنا وبيننا. وبين تلك الأدوار والمراحل، قد يندمج الإنسان في مشاغل الحياة وطموح يريده ليضيع ويفوت أجمل المراحل العمرية وأجمل ما فيها، من مشاعر صادقة تكون حوله ويهملها ويقسو عليها ولا ينصت لها! ينسى الانسان أن الغد مجهول لنا وإن رسمنا وخططنا ووضعنا له التوقيت والخطط والاستراتيجيات، وإن الايام القادمة مجهولة وهي بيد الخالق سبحانه من يعلم ويتحكم في الأقدار كيفما يشاء سبحانه لا كيفما يشاء ويرغب الإنسان وتخطيطه ورغباته. [email protected] @salwaalmulla