08 أكتوبر 2025

تسجيل

لا تهدر أزمة جيدة

01 يوليو 2020

بينما كان العالم يخوض ويلات الحرب العالمية الثانية، أراد ونستون تشرشل -رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت- إنشاء منظمة عالمية تقودها بريطانيا والولايات المتحدة -برئاسة فرانكلين روزفلت-. ولكن البعض رأى أن وقت الحرب غير مناسب لذلك، فقال تشرشل حكمته الشهيرة: "لا تهدر أزمة جيدة". فولدت خلال هذه الأزمة وبجهود تشرشل وروزفلت منظمة اسمها "الأمم المتحدة"، وجعلوا لأنفسهم مكانة خاصة بها. تعتبر الأزمات فرصة فريدة لمراجعة الواقع وتغييره وطرح مبادرات ربما لم تكن لتلقى قبولاً في السابق. وأزمة كورونا هي أحد هذه الأزمات الفريدة التي غيرت -وستستمر بتغيير- الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للعالم. فخلال هذه الأزمة انكب الناس على استخدام التكنولوجيا بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ، فلأول مرة يتقبل الكثيرون -ولو مضطرين- التعليم والعمل عن بعد، والتسوق من خلال التطبيقات، والدفع الإلكتروني، وإنجاز المعاملات الحكومية إلكترونياً، والاعتماد على الخدمات البريدية في التوصيل. وهي أمور كانت تواجه إقبالاً متواضعاً في السابق برغم وجودها وجاهزيتها منذ سنوات، ولكن عندما أصبح استخدام هذه الوسائل إجباراً تحت سطوة فيروس كورونا، أصبحت ضرورة حياتية. تعتبر هذه الأزمة فرصة سانحة للتحول الرقمي الكامل، وإعادة هيكلة الكثير من المؤسسات والخدمات ومراجعة جدوى مراكز تقديم الخدمات -الورقية- والقاعات الكبيرة لاستقبال طلبات الجمهور، وإعادة تشكيلها بما يتناسب مع العصر الرقمي. لقد غيرت الأزمة أموراً كثيرة، فمع العمل عن بعد اختفت جلسات القيل والقال، وأصبحت الاجتماعات أكثر فاعلية بعيداً عن النقاشات العقيمة، ولم يعد الأساس هو موعد الحضور والانصراف، بل سرعة ودقة الإنجاز. العالم سيتغير، وستختفي مهن كثيرة كنا نظنها أساسية، وقد يقل عدد الموظفين ليفسحوا المجال للتقنية والذكاء الاصطناعي. فعلى المسؤولين استغلال الأزمة لمراجعة كفاءة وفعالية مؤسساتهم. [email protected] Twitter: khalid606