23 سبتمبر 2025
تسجيلبعيداً عن السياسة ودهاليزها، والخوض فيها يترك للمتخصصين والقائمين عليها، ولكن حين تتعلق السياسة بمصائر الشعوب أمناً واستقراراً، وتتعلق بالمكونات الدينية والعقائدية ثباتاً وقوة، خاصة في زمن أصبح العبث بالإنسانية وبالدين أتون السياسة. هنا لنا وقفة أخرى لواقع يعجّ بالصراعات والتناحرات السياسية والعقائدية، واقع لا تخلو السياسة فيه من الدسائس والمؤمرات والخيانات، وإلا بماذا نفسر ما لحق بالشعوب من أضرار نفسية واجتماعية واقتصادية، وطُوعت المفاهيم والقيم الدينية لتغذية المصلحة الخاصة تفسيراً وتغييراً!! لذلك فالفكر الإنساني العاقل يبحث عن الأمان والاستقرار تحت مظلة سياسية عاقلة هدفها البناء لمرحلة مستقبلية جديدة قوية خاصة في المجال الاقتصادي الذي يعتبر الدينامو المحرك لعوامل القوى في الدول، والمجال الأمني لمعيشة آمنة ومستقرة، هذه هي الرسالة التي حملها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" وأعلنها لشعبه بعد فوزه في الانتخابات "مرحلة جديدة وقوية قادمة في المجال الاقتصادي والتعليمي والاجتماعي" أثارت ارتياحاً وابتهاجاً في الوسط التركي وأوساط خارجية أخرى، تقابله خيبة أمل وغيظ من بعض قادة ودوّل المنطقة والعالم. …. هي تركيا التي تعد اليوم من أشهر الوجهات السياحية في العالم، يتجلى فيها الجمال الرباني الذي يلامس القلوب قبل العقول ويمتزج عبق التاريخ مع سحر الطبيعة فيزداد رونقها وجاذبيتها، وتتناثر المساجد العريقة في كل زاوية، بصوت مآذانها وجمال زخارفها، حيث السيادة الدين الأمان القوة الثبات التلاحم الثقة عوامل قلّ أن نجدها اليوم في أي دولة إسلامية، وضعتها في منظار الترقب والتربص لإزاحة الصخرة الدينية والحضارية الثابتة التي تركن عليها سياستها، كما أزيحت من اليمن والعراق وبلاد الشام، لتكون مرتعا مدمّرا للصراعات العقائدية والمذهبية والجماعات والأنظمة الإرهابية تحت لواء الدفاع عن الدين. …. لا شك أن فوز الرئيس التركي في الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الاستفتاء على الدستور، هو انتصار للديمقراطية الشريفة، كما هو انتصار لتثبيت الدين ومحاربة أعدائه وانتصار لتعزيز الثقة، والتعايش بين أطياف الشعب، حيث التلاحم والتكاتف تجلت صورتهما في الانتخابات، فسجله حافل بالإصلاحات، رفع المستوى المعيشي للملايين من العائلات من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، واستثمر في التعليم والصحة والبنى التحتية والطرق والمطارات، وفتح الآفاق السياسي والاجتماعي العام أمام الهويات والأقليات المختلفة، فتح منافذه للاجئين السورين والمهجرين الفلسطينيين، جعل الدولة بمختلف مدنها وجهة سياحية بكافة الخدمات السياحية، مقارنة بما كانت عليه تركيا في السابق، نفث الغبار عن سياسة جائرة ديدنها محاربة الدين والتدين من خلال النظام العلماني الذي شرع في تركيا في العهد الأتاتوركي وسيطرة العسكر على مقاليد السلطة لعقود والذي ربط تقدم الدولة وتطورها بالتخلي عن الهوية الإسلامية تاريخا وممارسة، لذلك منعت كل مظاهر الممارسات الدينية بإجراءات قانونية تحميها مؤسسات الدولة وأبرزها الجيش. …. التلاحم الشعبي الذي شهدته تركيا وخيبات آمال من كان يريد الإطاحة بالرئيس أردوغان من بعض القادة والدول، هو السند الذي أبطل غرض المريدين والهادفين كدولة الإمارات التي أنفقت 3 مليارات لإسقاطه من أموال شعبها ومحاولة يائسة للعبث بالعملة التركية، أكد ذلك أحد الباحثين في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم"، إن نتائج الانتخابات تظهر دعم الشعب لسياسات أردوغان في الداخل والخارج"، كما أن الكاريزما التي تتمتع بها شخصيته من الحزم والثقة والتواضع والقوة عوامل أخرى لنجاحه، لا يختلف ذلك عن الملحمة الشعبية التي شهدتها دولة قطر مع حصارها، من قبل رباعي دول الحصار الجائر بعد فشلها في تحقيق هدفها بإسقاط الأمير الشيخ تميم، الذي واجه الموقف الجائر بكل ثبات وصبر وحكمة وثقة وإنجازات متلاحقة. … فحين ضجت الوسائط المجتمعية بالتأييد والتبريكات لفوز "أردوغان" وسبقها الترقب والقلق من الفشل، لتأكد الشعوب رغبتها في إرساء الديمقراطية كما حصل في مصر من ثورة مضادة لثورة يناير، واستيلاء الجيش على السلطة بدعم من دول استخدمت المال السياسي للإطاحة بالرئيس الشعبي المنتخب هذا ديدنهم.. ٠٠ نبارك لتركيا هذا الإنجاز السياسي الذي سيجعلها في مقدمة الدول اقتصاديا على مستوى العالم.