17 سبتمبر 2025
تسجيلإن صوت الحق يهتف في كل مكان: ليهتدي الحائرون ويتجدد ثوب البالين فالله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له".إنها لحظة إدبار الليل وإقبال أنوار الفجر، وعلى إطلالة الماضي القريب والبعيد يمكنك أن تنهض من كبوة وتقوم من عثرتك وتنادي في الأسحار: يا مقيل العثرات .. يا مجيب الدعوات يا غافر الزلات.. لابد أن يجثو المذنب في ساحة الرحمن ثم يهتف بانكسار من أعماق قلبه.قصدت باب الرجا والناس قد رقدواوقلت يا أملي في كل نائبةأشكو إليك أموراً أنت تعلمهاوقد بسطت يدي بالذل مفتقراًفـلا تردنهــا يا رب خائبةوبت أشكو إلى مولاي ما أجديا من إليه نكشف الضر أعتمدما لي على حملها صبر ولا جلدإليك يا خير من مُدت إليه يُدفبحرُ جودك يروي كل من يردُ(رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين)واحذر التسويف، فقد جاء في الأثر: هلك المسوفون، إن كل تأخير لإنفاذ منهاج تجدد به حياتك وتصلح به أعمالك وتسكن به ثائرة نفسك وشرودها لا يعني إلا إطالة فترة العناء والمعاناة التي تبغي الخلاص منها، وبقاءك مهزوزاً حائراً متردداً مهزوماً أمام نوازع الهوى والتفريط.إني بُليت بأربع ما سلطواإبليس والدنيا ونفسي والهوى إلا لشدة شوقتي وعنائيكيف الخلاص وكلهم أعدائيانتهاز اليوم أفضل من انتظار الغد، بل إن كنت في الصباح فلا تنتظر المساء، فلا مكان لتريث أو تلكؤ، إن الزمن قد يفد بعون يشد به أعصاب الحائرين ويثبت به أقدام السائرين في طريق الحق.إياك والأماني، لا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا التأخير لن يعود عليك بخير.لا مكان لإبطاء وانتظارإن الإنسان أحوج الخلائق إلى التنقيب في أرجاء النفس وحناياها، وتعهد حياته الخاصة والعامة بما يصونها وينقيها مما لحق بها من إثم مثلما تزال القمامة من الساحات الطهور ليعيد إليها توازنها واعتدالها ونظافة فطرتها.قم في الدجى يا أيها المتعبدقم وادعُ مولاك الذي خلق الدجىواستغفر الله العظيــم بذلةواندم على ما فات واندب ما مضىواضرع وقل يا رب عفوك إننيأسفاً على عمري الذي ضيعته حتى متى فوق الأسرة ترقدوالصبح وامضي فقد دعاك المسجدواطلب رضاه فإنه لا يحقدبالأمس واذكر ما يجي به الغدمن دون عفوك ليس لي ما يعضدتحت الذنوب وأنت فوقي ترصدإن الله يفرح بتوبة عبده، لأنه تعالى لا يريد عذابه (ما يفعل الله بعذابكم).إن الله أبر بالناس وأكثر سروراً بأوبة العائدين إليه مما يظن القاصرون، يجب أن تكون التوبة نقلة كاملة من حياة إلى حياة، وفاصلاً قائماً بين عهدين متمايزين كما يفصل الصبح بين الظلام والضياء، هذه هي العودة التي يقول الله في صاحبها: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى).وإياك، أخي التائب أختي التائبة، أن تنظروا إلى صغر الخطيئة، فإن الله أخرج آدم من الجنة بأكلة وطرد إبليس من رحمته بسجدة، ولكن انظر إلى من عصيت فقد كانت الصغائر عند الخائفين كبائر "وإياكم ومحقرات الذنوب".لننسَ تلك الهفوات ونبدأ مع الله صفحة جديدة، وإقامة المناحات على الهفوات الماضية علالة سخيفة يتوهم البعض أنها تزيد في طهر القلوب، لأن الأصل في التوبة أن تكون برزخا بين عهدين وأن يصبح التائب كأنه ولد من جديد "غفرتها لك ولا أبالي".ومع هذا فالتائب يرى ما يناسبه من اجترار الماضي لدعم توبته وهجر الآثام وحث النفس على الطاعات.وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين