16 سبتمبر 2025
تسجيلالصقارة وهي «فن تدريب الطير على الصيد» في دم كل قطري أصيل وتُعد من المهارات الرجولية وتصل إلى حد أن تكون مهنة في ذلك الزمن الذي مضى، الجميع تقريباً في الريان، حيث نشأتُ، كانوا يمتلكون صقوراً ويدربون أولادهم على حملها وتدريبها وتربيتها والصيد بها. قيَم البر والصحراء كانت مترسخة في أذهان النشء، لذلك كانت هواياتهم مرتبطة بهذه القيَم الرجولية لما تحمله من معنى، ينشغل الصقار دائماً بتوفير فريس «اللحم» للطير بشكل يومي، لم تكن هناك مشكلة فأنواع الطيور وأشكالها كانت في مثل أعداد الناس في ذلك الزمان، كانت زروع الريان تمتلئ بأشكال شتى من أنواع الطيور وغيرها من مناطق قطر حتى في مناطق الدوحة ذاتها أذكر أن منطقة النعيجة من مناطق تواجد الطيور واصطيادها، كانت البيئة أكثر ثراءً روحياً منها الآن، حيث أصبحت أكثر ثراء إسمنتياً واختفت الروح، سواء كانت بشراً أو طيراً. منطقة الوجبة كانت منطقة قنص مفضلة وما حولها من رياض الرفاع، لم أشهد تلك المرحلة لكن والدي رحمه الله حدثني عنها وعن ما كانوا يصطادون فيها وفي حولها من حباري وكراوين «جمع كروان»، مناطق السيج حيث مول قطر اليوم والثميد وما جوارها شهدتها مناطق صيد حتى أواخر الستينيات وما بعد قليلاً، في أيام العطل كنا نسلك طريق «برنيوش» من الريان إلى أم القهاب وسُمي بهذا الاسم تشبيها بأكلة البرنيوش المشهورة عند أهل قطر، حيث العيش الأحمر والسمك لأن تربته وحصاهُ يميل إلى الاحمرار، أم القهاب روضة كبيرة بها آبار مياه ينزلها الشيوخ شتاءً أحياناً. أذكر أشهر طير امتلكناه يُدعى عدوان وهو حر وقد أبلى بلاء حسناً في الصيد وكم كنت حزيناً في ذات يوم حين وجدته ميتاً خنقاً كما يبدو وآثار الحية «الأفعى» تملأ المكان من حوله. كم أشعر بالحزن «اليوم» حيث أبحث عن آثار لذلك الطريق الذي يمر من غرافة الريان قاطعاً الثميد وهي منطقة سكنية اليوم نحو أم الأفاعي نزولاً إلى أم القهاب، فلا أجد سوى حرارة الإسفلت وصوت الشاحنات يملأ الفضاء ويدوس عَلى نبت الأرض البكر، كم كان طريق «برنيوش» إنسانياً بتربته الحمراء ونبت الأرض عَلى جانبيه يلازمه برفق، وبين يوم وآخر تمر فوقه سيارة أو سيارتان بهدوء، يا له من زمن حمل في طياته براءة الإنسان من دم الطبيعة.