14 سبتمبر 2025

تسجيل

الصحافة في زمن الانقلاب

01 يونيو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في اليمن ما زال الوسط الإعلامي والصحفي يعيش أبشع كوابيسه على الإطلاق الانتهاكات، الاعتداءات، حملات الدهم، النهب الترويع والإرهاب، الاختطافات اقتحام البيوت والمؤسسات والمكاتب. عمليات السلب والمصادرة للمحتويات والموجودات ونظرا لانهيار الدولة حدث فراغ كبير سمح للفوضى والجريمة بالانتشار تحت غطاءات زائفة وشعارات كاذبة اتخذت مبررا لممارسة الكثير من التجاوزات والاعتداءات المتلاحقة عمليات الرصد المتواصلة لمجمل الانتهاكات التي طاولت صحفيين وشخصيات إعلامية توثق لسلسلة من الهجمات المختلفة ومن أبرزها الاقتحامات والنهب والتعدي ومحاولة الاغتيال والتهديد بالتصفية والفصل من الوظيفة العامة وتوضح التقارير والبيانات الصادرة عن العفو الدولية والاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب ونقابة الصحفيين اليمنيين حجم ومستوى تلك الجرائم وطبيعتها بما يلقي الضوء على دوافع الحرب ضد الصحافة والصحفيين وبواعث استهدافهم بتلك الصور المرعبة. فقد كان الصحفيون والإعلاميون ولا يزالون ضمير الوطن ولسانه المعبر عن أوجاعه وآلامه وانكساراته وخيباته وتطلعاته وعرفهم الشارع جبهة متقدمة في الدفاع عن الحريات والحقوق والمكتسبات الوطنية ومواجهة الاستبداد والفساد والجريمة وتجار الموت ومراكز النفوذ التي تقوت على حساب المواطن والوطن ولا يزال الوسط الإعلامي والصحفي صانع تغيير وتأثير وعامل تنوير وباعث يقظة ورقيبا معبرا عن الحقيقة في مواجهة الزيف والتضليل والتجهيل. ولقد مثل العامان ٢٠١٤ و٢٠١٥ ذروة الانهيارات الكبرى على مستوى الدولة ومؤسساتها وضرب منظوماتها الحامية كالجيش والأمن في ذات الوقت الذي ضربت فيه كل القوى المدنية والمجتمعية الساندة للدولة والمشروعية وهو ما جعل الانكشاف يبدو أكبر من كل التصورات. لقد وجد الصحفيون والإعلاميون أنفسهم أمام موجات قمع ممنهجة وحرب تجريف للمؤسسات الإعلامية والصحفية بصورة وحشية هدفت لإرهابهم ولاستبعادهم كشهود ولإبقاء المجتمع في دائرة التخبط والارتباك ويجمع كل المراقبين والمتابعين أن العامين الأخيرين هما الأكثر خطورة وانفلاتا والأشد رعبا وقتامة بالنسبة لحريات التعبير وفكرة الحقوق المدنية حيث تقوضت فكرة الدولة والمجتمع وانحسرت المدنية لصالح الحضور الميليشياوي الفظ المسلح الممسك بخناق الجميع. ثمة عشرة صحفيين يواصلون منذ شهر الإضراب عن الطعام في أحد معتقلات الانقلابيين بصنعاء وهم عبدالخالق عمران، صلاح القاعدي، هشام طرموم، توفيق المنصوري، والشاعر حسن عناب، عصام بلغيث، حارث حميد، هيثم الشهاب، هشام اليوسفي، أكرم الوليدي. ويحتجز الانقلابيون هؤلاء الصحفيين منذ عام إثر اختطافهم من داخل فندق بصنعاء. البيان الأخير للاتحاد الدولي للصحفيين دعا مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ للضغط باتجاه تأمين الإطلاق الفوري لهم وأعرب عن قلقه إزاء وضعهم الصحي وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية وما زالت قضيتهم عبئا خاصا على أسرهم وعائلاتهم شأن كثير من المعتقلين السياسيين المعارضين للانقلاب وهناك ٣٨صحفيا وموظفا يعملون في وكالة الأنباء اليمنية سبأ وتم فصلهم مؤخرا من قبل الانقلابيين وما هو واضح أن هناك حرب استبعاد يشنها الانقلابيون داخل مؤسسات الدولة عموما لمعارضيهم وخصومهم عموما في الإعلام والتربية والتعليم كما تم فصل 66 من أكاديميي جامعة صنعاء مؤخرا ضمن هذا التوجه المسعور. في قضايا الفصل من الوظيفة وإيقاف المرتبات هناك امور مهمة ينبغي الالتفات إليها فالحديث عن هذه القضايا باعتبارها حقوقية ومطلبية يستبطن إقرارا بسلطة الأمر الواقع ويمنح هذه السلطة المزيد من السطوة والقوة كما أننا بتحويلها إلى عبء خاص على المستهدفين بتلك الإجراءات نسقطها من بعدها الوطني كقضايا وطنية تتعلق بالدولة وحقوق مواطنيها الذين يقاومون الانقلاب تحت مظلة المشروعية أي أنها قضايا الشرعية في المقام الأول وتتعلق بقضية اليمن الكبيرة بالطبع ومن الخطأ تجزئة القضايا في هذا الجانب وإخلاء مسؤولية الدولة ومؤسساتها المعلنة والمعنية بها رغم هشاشتها وواقع حالها في ظل الشتات. نحن بحاجة إلى مزيد من الضغط على الشرعية لكي تؤدي ولو أدنى المتطلبات المجسدة لشرعيتها. حين توقف سلطات الانقلاب الموظفين وتقطع رواتبهم يجب أن تتعامل السلطة الشرعية وحدها مع هذا الأمر فهي المعنية أساسا بالقول هذا الفصل لا شرعية له ولا يمكن أن يحدث وأن مرتبات الموقوفين ستظل سارية وسيتم تدبرها هذا ما سيمنح الناس القوة والثقة أما أن يتركوا سلطة الانقلاب لتتحكم بمصادر رزقهم ولتضغط عليهم بحقوقهم فهذا يعني تحول الجميع إلى خاضعين ومستسلمين قسرا لسلطتهم وسطوتهم. من العار أن تتحول هذه القضايا إلى أعباء شخصية. يجب أن تتعامل الشرعية مع هذا الملف باعتباره سياسيا ووطنيا ومتعلقا بجوهر وجودها وبقائها عموما.