نعتدل أو نعتزل

رائع جداً أن يدرك المسؤولون في الدولة أهمية التعامل مع وسائل الإعلام، خاصة الصحافة، في مسائل تهم المواطن، لا أن تكون الصحافة "مرآة زوجة والد سنووايت التي كلما نظرت إليها كذبت عليها وأعلنت أنها أجمل نساء المملكة"، تزخرف الكلام وتزين الأخطاء وتبررها وتظهر الصورة الإيجابية للمؤسسة وتخفي ما هو أعظم من السلبيات التي لابد من علاجها "وكله تمام يا أفندم"!لقد تحدث سعادة وزير البلدية والتخطيط العمراني بكل صدق وشفافية إلى وسائل الإعلام وتعهد بأن يكون ذلك ديدن الوزارة في تقديم كل الحقائق إلى الصحافة دون زيف أو خداع لنقل المعلومة من مصادرها، لأن قطر فوق كل اعتبار ولا يقبل المساس بها، وأنه كوزير خادم للوطن والشعب.إن كلام سعادة الوزير أثلج صدورنا بعد أن كانت تغلي كلما ظهرت مساوئ مشروع ما بذل فيه الجهد الكبير والمال الكثير، وذرفنا الدموع ألماً بعد ما حدث لشارع سلوى من سوء عمل، وبالتالي تبعته كارثة الأنفاق التي كنا نأمل أن تحل مشاكل المرور وتسهم في انسياب حركته.لقد أوضح سعادته وبكل صراحة ما حدث واعترف بالأخطاء التي لابد من تفاديها في المرات القادمة، وأن الشفافية مطلوبة في كل عمل قد نجد فيه التقصير والخطأ، وأكد أن معالي رئيس مجلس الوزراء وجّه بأهمية إطلاع الناس على كل ما هو موجود لدى هيئة الأشغال ومعالجة المشاكل فيها.إن قطر مقبلة على فترة تحتاج منا إلى الإخلاص في العمل، خاصة والعالم ينظر إليها الآن بعين الفاحص لكل ما تقوم به، والبعض يتصيد الأخطاء لها ويصيد في الماء العكر ليزرع في ذهن العالم أن قطر عاجزة عن استضافة بطولة كأس العالم التي فازت بها هذه الدولة الصغيرة في المساحة، الكبيرة في الإنجازات، لن يقبل أي مسؤول مخلص يعتبر قطر "أهم شيء عنده وفق كل اعتبار" أن يتخاذل في القيام بعمله لبنائها ونهضتها، ولن يسمح لأصحاب النفوس المريضة بحب المال والربح السريع على حساب مصلحة الوقت واختلاس الأموال المخصصة للمشاريع وإنفاق أقل القليل لتظهر المشاريع الضخمة في صورة هزيلة هشة تنهار عند أي طارئ.لقد قالها سعادة الوزير "نعتدل أو نعتزل" نعم هذا هو الحكم لكل من أخطأ، ولديه المسؤولية والإحساس بأهمية نهضة بلده والعمل بضمير حي للحفاظ على مقدراته وخدمته من خلال منصبه وعمله، دون النظر إلى ما يمكن أن يستفيد من ذلك، فالكثير من الدول عند أي حادث أو خطأ في مشروع يقدم الوزير استقالته ويعتزل العمل، ولكن ليس دائماً هذا هو الحل، فلابد من أن نقوّم الاعوجاج ونعدّل من سلوكنا في خدمة الوطن وتنفيذ المشاريع بكل دقة وإتقان، وإلا فليكن الاعتزال هو الحل.لقد قلت الحقيقة يا سعادة الوزير ولابد من أن تكتمل جميع خدمات البنية التحتية للأراضي قبل أن تسلم للمواطن؛ حتى لا تبدأ سلسلة الحفر والترقيع، ويجب أن يكون هناك تنسيق وتكامل في الأهداف بين المؤسسات التي لها علاقة بالبنية التحتية، حتى تنهي عملها دون الحاجة إلى العودة للتكسير والحفر.فتحيةٌ لك سعادة الوزير ويرفع لك الرجال العقال وتهلل لك النساء، آملين أن يحذو المسؤولون الآخرون هذا الحذو ويسيرون على نهج الشفافية والوضوح مع المواطن من خلال وسائل الإعلام.