14 سبتمبر 2025
تسجيلوضعت المُديرة "الديرم" على شفتيها متأملةً وجهها الأشبه بــ "الطابي" لما يعتريه من كبر، وكأنما غضب الرب قد حلّ عليه! تتحدث مع نفسها بصوت متوسط قائلةً: "أنا عندي واااااسطة".. فيرتفع صوتها تدريجياً: "أنا واصلة فووووق"! تذكرت من رشحها لتتقلد منصب مدير إدارة، فظنّت أن لن يقدر عليها أحد.. أو أنه خُيّل إليها أن جذورها قد تماسكت بأرضية الكرسي الذي تجلس عليه فلن يزحزحها من فوقه بشر.. راسخةً بشموخ.. غطرسة.. مُعقدّة! كجبروت ابليس، تقف على رؤوس الموظفين وتتكئ على شوكتها التي طالما وخزت بها الكثيرين..كلمتها مسموعة.. قد يكون خوفاً منها! ولربما لاسمها؟ ربما أيضاً! وقد يكون تصدياً لإزعاجها غير المبرر للــ " عود "، عندما تسير في ممرات الإدارة يدب الرعب في قلوب الموظفين وكأنما جرس إنذار الحريق قد "صرخ" من قمة رأسه ففجرّ أخمص قدميه! عند مرورها العالم يهرول هرباً منها! وكل ذلك لا يهم حضرتها.. المهم مكانتها.. كرسيها.. مكتبها العامر.. بدلاتها وعلاواتها الدورية.. راتبها.. درجتها.. والأهم من ذلك رأي الوزير فيها، أما اختناق الموظفين من عجرفتها، فإنه يُخبط عرض الحائط!مازالت تتأمل وجهها في المرآة ويدها على خدها، تنظر إلى المرآة بابتسامة مُغَطْرَفَه، عطوراتها ترتجف وتُصدر رائحةً عذبة مختلطة بشيءٍ من العرق، قد يكون رعباً ليس إلا، بينما هي تنظر باختيال إلى المرآة سألتها: "مرآتي.. يا مرآتي من الأجمل؟"، فردت: "طبعاً انت يالـــ..!"..ثم همست في قلبها: "بومة!"..سعيدة جداً بمركزها المرتفع.. بالرغم من انكسارها اللا محدود عند العتب عليها بعض الشيء على عملها، عندما يتم توبيخها "تمد البوز شبرين" وتقف بافتقار وكأنها مسكينة، الأمر الذي يجعلك وأنت تراها بهذا المنظر المرير تسحب شيئاً من النقود وتضعه في حقيبتها ماركة "لويس فويتون" غير الأصلية التي تباهي بها زميلاتها المديرات.. تشعر بالغيرة حينما يدور الحديث الإيجابي حول أحد المتفانين في العمل، فهي ترغب بأن يقتصر الثناء على حضرتها.. ويشتعل حريقها حينما تجد أن الوزير يثني ثناءً عطراً على أحدهم..ذهبت إلى عملها وتسابقها خطواتها، لكي تبحث عن مشكلة تُثيرها.. فهي تخلق المصائب من بين أضلعها، وفي نهاية الأمر تبكي وتتطاير دموعها في الهواء الطلق متناثرةً على وجوه الموظفين والموظفات الأحياء منهم والأموات، مُطبقةً في ذلك المثل القائل "ضربني وبكى سبقني واشتكى"... تتعارك من أجل الدخول على سعادته بكافة الطرق، تطير على "سعفة" متوجهةً إلى الهدف.. لا تكترث بمدير مكتب الوزير، بل عند وصولها إلى خط الاستواء يُغني العالم من أجلها "فزّوا لها لين اقبلت فزّوا لها" ... لا ضير فهي قد تجاوزت طابور الصباح منذ طفولتها وطلباتها أوامر، فلا تكترث بطابور المنتظرين أمام مكتب سعادته..هناك في ذلك المكان الذي تلتصق به بجسدها تجلس بكبرياء في برجها العاجي، تضع قائمة سمتها قائمة المُبشرين بالعلاوة، تحتوي على أسماء عدة ممن تُفضلهم على الآخرين ممن هم تحت إمرتها الذين يحتضرون نفسياً ومهنياً منها، مطبقةً في ذلك المثل القائل "إن حبتك عيني ما ضامك الدهر"، جباه تسجد على الأرض تدعو الله الصبر والسلوان وأيدٍ مرفوعة للسماء ترتجي المولى بأن يزحزحها من منصبها، ومنهم من يتغنى ويقول "ده حلمنا طول عمرنا مسؤول طيب يضمنا كلنا.. كلنا".. العقاب تُطبقه على "ناس دون ناس".. والثواب على من أحبتها عيونها.. وتمر الأيام.. والشهور.. والسنوات العجاف، والحال كما هو عليه.. والمسلسل يُعاد مراراً وتكراراً.. والأحداث كما هي تماماً، والمديرة هي ذاتها لم تتغير.. والنتيجة صفعات على وجوه الكثير من الموظفين والموظفات بسبب سوء اختيار المديرين، والوضع الإداري الآن تحت الصيانة وجميع طرق النجاح المهني مغلقة مؤقتاً لذا نأسف على الإزعاج.بيان من وزارة قلمي:لا أقصد أحداً معيناً في هذا المقال.. لا أقاتل سوى الصفات السيئة في المسؤولين فقط لا غير.. لا دموع بعد اليوم إن شاء الله بعد زيادة الجرعات في المقالات.. فهذه كلمات من وحي قلمي ولكنها تمت إلى الواقع بصلة وثيقة..حتماً ستزعج البعض.. وعليه نكرر ونقول نأسف على الإزعاج..