15 سبتمبر 2025
تسجيللم أقترب من الشأن الفلسطيني لأكثر من سنة رغم مغريات الكتابة في هذا الشأن لأهمية المكان والزمان والوقائع، لكني لم أتوقف عن المتابعة للأحداث والوقائع. إن الشأن الفلسطيني ليس حكرا على حركة فتح وحماس يتناولونه وأتباعهم وأنصارهم بالشرح والتحليل وفي أحيانا التضليل. إن مسألة فلسطين مسألة عربية شاملة من حق أي عربي أن يتناولها إما أن يكون ناصحا أو موجها ومرشدا أو ناقدا لأداء فصائل المقاومة الفلسطينية، إن المقاومة الحقة هي التي تسعى إلى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني في العودة وتعويضهم عن استغلال أراضيهم لأكثر من ستين عاما من قبل يهود أوروبا المصدرين إلى فلسطين. يجب أن نعلم علم اليقين أن كل ما جرى ويجري في العالم العربي من عدم استقرار مرده ما حدث ويحدث لفلسطين وأهلها منذ عام 1948. لقد حدث في بعض أقطار الوطن العربي انقلابات عسكرية وشعارها الأول تحرير فلسطين، اغتيل الملك فيصل رحمه الله لأنه من المصرين على عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه المقدسة فلسطين، وحتى ثورات الربيع العربي التي حدثت في بعض أقطار الوطن العربي كانت من أجل تصحيح الأوضاع في داخل تلك الأقطار بغية تحرير فلسطين، وحتى شاه إيران أزيح عن عرشه بثورة شعبية كان بيانها الأول يتضمن إلى جانب أمور أخرى، تحرير فلسطين. ما يجري في القطر السوري الشقيق اليوم في جوهره من أجل فلسطين إلى جانب هموم ومطالب الشعب السوري الشقيق، حكومة بشار الأسد تقاتل شعب السوري بالسلاح الذي أعد من أجل تحرير فلسطين ودعواها أنها تقاتل أعداء المقاومة والممانعة عملاء إسرائيل، والجانب الثوري يقاتل النظام وجيشه وعصاباته المسلحة، إلى جانب أمور أخرى، أيضاً من أجل تحرير فلسطين والجولان. (2) منذ توقيع اتفاق أوسلو الملعون 1993 وعودة بعض كوادر منظمة التحرير الفلسطينية إلى غزة أخذت المقاومة الفلسطينية تتراجع إلا بعد انتفاضة الأقصى وتصاعد دور حركتي حماس والجهاد الإسلامي في أعمال المقاومة المسلحة، حركة فتح تراجع دورها المسلح ونهجت طريق المفاوضات وأصبحت بعد تولي محمود عباس زمام القيادة مهمتها توزيع الصدقات على أتباعها وعزل كوادرها العسكريين والسياسيين الذين يدعون إلى تفعيل المقاومة المسلحة أمام عدو لا يعرف إلا القوة، وكذلك أصبحت كوادر الحركة التي تميل إلى قيادة عباس وتؤمن بنهجه التفاوضي حراسا للكيان الإسرائيلي ومنعت المقاومة من أداء دورها من الضفة الغربية، بل إن الأدهى والأمر أن قيادات فتح العباسية أصبحت تطارد كوادر حركتي الجهاد وحماس في الضفة الغربية وتسهل اعتقالهم من قبل الكيان الإسرائيلي. (3) منذ عام 2005 وبعد أحداث غزة التي خرج منها معظم قيادات فتح المرتبطين بالسيد محمد دحلان وألويته السرية وتولي قيادة حماس إدارة قطاع غزة اختفت الجريمة وساد الأمن واشتد ساعد المقاومة لكنها مع الأسف الشديد تعرضت لحصار شديد ساعدت في فرضه على القطاع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وما برح الحصار قائما حتى هذه الساعة. في تلك الحقبة تتابعت عملية ما يعرف بإجراء " المصالحة " بين حماس وحركة فتح وتعددت أماكن إجراء المصالحة بين شركاء الوطن والمصير من القاهرة إلى مكة إلى صنعاء إلى دكار وكان آخرها مصالحة الدوحة في الشهر المنصرم وكل تلك الجهود باءت بالفشل لسبب جوهري لست أدري هل غاب ذلك السبب عن القيادات العربية التي عملت على إصلاح ذات البين؟ الرأي عندي أن السبب الجوهري يكمن في مشروع الفصيلين فمشروع حماس يرتكز على تفعيل المقاومة بكل أنواعها دون إسقاط أي عامل من عواملها يتضامن معها في هذا الموقف " حركة الجهاد الإسلامي " وآخرون، بينما مشروع فتح هو رفض المقاومة والاكتفاء بالمفاوضات السلمية ولكل حجته، إذا، المشروعان لا يمكن أن يلتقيا ومن هنا وعندما نتوقف عند نتائج المفاوضات منذ عام 1993 وحتى هذه الساعة نجد أنها لم تحقق للفلسطينيين أي إنجاز بل توسعت إسرائيل في بناء المستوطنات وتهويد مدينة القدس وعزل غزة عن الضفة الغربية وحصار قطاع غزة واغتيال ياسر عرفات رحمه الله وإضعاف دور فصائل منظمة التحرير وتفكيك حركة فتح ذاتها. قد يقول قائل وماذا أنجزت مقاومة حماس والجهاد الإسلامي؟ نقول لم تتأت الظروف الموضوعية للمقاومة لإرباك الجبهة الداخلية في إسرائيل وإقلاق الجبهة الجنوبية والسبب يعود إلى الحصار على قطاع غزة المتنفس الوحيد للمقاومة بعد ملاحقة المقاومين في الضفة الغربية. آخر القول: يجب أن تدرك حركة فتح / السلطة أن جهودها السلمية فاشلة وغير مجدية، وأن تفضيل المصالح الذاتية الربحية على المصالح الوطنية جريمة لا تغتفر، كما يجب أن تدرك حماس بأن تقاسم السلطة على حساب الوطن أمر غير محبب للشعب الفلسطيني.