14 سبتمبر 2025

تسجيل

طامة الأول من أبريل

01 أبريل 2024

هي ليست كذبة أبريل كالتي يود البعض بدء هذا الشهر بها وهي في النهاية طالت أم قصرت أو اتسمت بالدعابة والمزحة والضحك تسمى (كذبة) ولكن في موضوعي اليوم لم تكن أبدا كذبة يضحك الجميع بعدها وينام سعيدا بأن كل ما اختلقه هو مزاح أو كذب أبيض – كما يصفه البعض – لكن من المعيب جدا أن نمسي ونستيقظ يوميا ومنذ أكثر من 175 يوما على قصص تشيب لها رؤوس الولدان تحدث في غزة وباتت الصور والمقاطع الحية تصلنا لأطفال ما عاد شيء حي فيهم سوى نظراتهم الميتة فعليا في حين باتت هياكلهم العظمية تنوء من الجفاف والجوع والعطش والمرض وعدم وجود أي رعاية طبية أو أُسرية في القطاع المستنزف تماما من قبل عدو كل ما نجح فيه حتى هذه الدقيقة هو القتل والتدمير والتهجير واستهداف الصغير والكبير في غزة التي لم يسلم من أرضها ولا شبر إلا وتعرض لشتى أنواع الجرائم الإسرائيلية وأبشعها وآخرها ما بات يصلنا من قصص اغتصاب لسيدات وفتيات فلسطينيات على مرأى من أزواجهن وإخوتهن وآبائهن في مشاهد لا يمكن لأي إنسان طبيعي أن يتصورها فكيف بالذي يعيشها حية أمامه؟! ماذا بقي من كرامتنا كأمة عربية وهي ترى شرف نساء غزة مُهانا بعد أن تمت استباحة دماء الأجنة في الأرحام والرُّضع والأطفال والفتية والرجال والشيوخ والنساء وقتلهم بالصور المريعة التي استحت قنواتنا العربية وأكثرها جرأة واستمرارية في نقل أخبار القطاع من بثها حية؟! هل وصل بنا في زمن لم تشتد غير التخمة العربية فيه وعمليات التكميم وأمراض السمنة أن نشهد بقعة عربية على مشارف أراض عربية تعاني الهزال والضعف والجوع والمرض والقتل والاستهداف والحصار والموت؟! ماذا يعني أن ينتهي شهر رمضان وهناك مسلمون مثلنا يصومونه دون سحور أو فطور؟! ماذا يعني أن تبكي العجائز والأمهات الفلسطينيات على شح الأعشاب التي تنمو عشوائيا في الأرصفة المدمرة والحشائش الصغيرة التي تكبر على استحياء في زوايا الطرقات التي أُحيلت إلى أنقاض ودُفن تحتها آلاف الشهداء؟! ماذا يعني أن يهرول أطفال غزة وهم في نفس أعمار أطفال العرب وراء عربات تقل العدد الطفيف من حاويات الطعام الزهيدة ويتعثر الصغار منهم ممن لم يصل عمره لأربع أو خمس سنوات وراءها ليجلسوا باكين على حظهم العاثر وإنهم لن يعودوا بالطعام لأهلهم؟! أليس من المعيب يا عرب أن يخرج الرئيس الأمريكي جو بايدن متحدثا عن قرب تطبيع عربي إسرائيلي وإن دولا عربية أخبرته نيتها الواضحة في الاعتراف بإسرائيل دولة ومطبعة معها رغم أن دماء أهل غزة تنسكب حتى فاضت ولا وارث لها أو سائل؟! ماذا يعني التطبيع العربي الإسرائيلي الآن ورفح مهددة بالاجتياح الدموي الذي يمكن أن يقتل مليونا وأربعمائة ألف نازح فلسطيني منعتهم إسرائيل من العودة لمناطقهم وأنقاض منازلهم في الشمال المدمر والمعزول كليا عن باقي القطاع حتى أن المجاعة وحوادث الاغتصاب المهينة تجري فيه والعالم كله لا يرى ولا يسمع وبالطبع لا يتكلم؟! فأي تطبيع ونحن قد تطبعنا بالذل والهوان والعجز حتى قبل أن يقول بايدن تصريحه هذا؟! فقد يمهلنا العرب لنستيقظ لكنه أبدا لن يهمل هذا التواطؤ المتعمد من حيث ندري أو لا ندري في العدوان على غزة وبهذه الصورة التي تجعلنا نرى أنفسنا أقزاما وإن تعملقنا على بعضنا البعض فإنما الأخوة قد ماتت والنخوة قد أعلنت حدادها منذ أن تساهلنا بالصغيرة فإذا كبائر الجرائم الإسرائيلية تباغتنا ولا نملك نحوها سوى الصمت عوضا عن التنديد الذي كنا نتفنن به!