13 سبتمبر 2025
تسجيللقد ذكرنا، في مقال الأسبوع الماضي، أن سلطان بن خليفة آل نهيان علم أن والده ربما قتل مسموماً، فقام بالهروب من أبوظبي إلى دولة "خليجية"، وقلنا أنه من المفروض أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ولكن حملات تشويه سمعة قطر وسب رموزها قد زادت.. وقلنا أن قطر لم تهتم بذلك واستمرت بالتعاون مع الظبياني الذي كان يضمر شراً على السعودية، خطط الظبياني للإطاحة بسلمان، ولكن وفاة الملك السابق حالت دون ذلك. وذكرنا أن سلمان أحدث تغييراً في القيادات وفي نظام الحكم، أما ابنه فقام بشن هجوم على اليمن.. وذكرنا أن قطر بتكليف من مجلس التعاون الخليجي قامت بالتفاوض مع الحوثيين.. وقلنا أن قطر اتهمت بمقتل 45 إماراتياً في يوم الجمعة 4/9/2015 في حين أنها لم تدخل اليمن إلا بعد يومين من الحادث في يوم الأحد 6/9/2015.. وتعرضنا للحصار البحري على السعودية وقلنا أنه لم يبق على الظبياني سوى تخطي عقبة سلطنة عمان. فقام في البداية بحذف الامتداد العماني لمنطقة "مسندم" على الخرائط التي تصدرها الإمارات، وإظهارها كأنها جزء من الامتداد الإماراتي. وقام في مرحلة لاحقة بشراء الأراضي، ومحاولة استمالة أهل مسندم بالمال، والتجنيس بجنسية الإمارات. هذا الأمر استفز سلطان عمان، فقامت بالإعلان عن الاستنفار العام لتعلن عن جاهزية قواتها المسلحة للرد على محاولات الظبياني بضم مسندم إلى الإمارات (خاف الظبياني من السلطان قابوس فطلب، في مرحلة متأخرة، تدخل السيسي لتهدئة الوضع). وكان الهدف من هذه المحاولات هو إحكام الحصار البحري على السعودية. رجع الظبياني إلى خطته الأصلية وهو جعل هدم قطر مرتكزاً لهدم السعودية. ولكن قطر بقوة أجهزتها الأمنية، وبحسن علاقتها مع جميع دول العالم، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، أصبح من الصعب أن تمس بدون إنهاء علاقتها مع أمريكا وإيران وتركيا. حاولت الإمارات، عدة مرات، مع أمريكا إلغاء اتفاقية التعاون العسكري المشترك بين قطر وأمريكا، ونقل القوات من قطر إليها، لدرجة أن السفير الإماراتي لدى أمريكا يذكرهم دائماً بمشاركة بلاده في حرب الخليج الأولى عام 1990، ومشاركتها في كوسوفو والصومال وليبيا وأفغانستان، بالإضافة إلى الحملة ضد "داعش". وصرح ذلك السفير، عدة مرات، بقوله "نحن مختلفون عن جيراننا"، و"نحن أخلص أصدقائكم في ذلك الجزء من العالم". ولكن كل ذلك لم ينجح في تغيير موقف أمريكا. قام الظبياني باستغلال قيام متظاهرين إيرانيين هاجموا مبنى السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، واحرقوا مبناها احتجاجاً على اعدام السعودية، في 2/1/2016، نمر النمر (لو تقوم إيران بعمل تحرياتها لربما تجد أن الذي أحرق السفارة جماعة مندسة تتبع للعميل الصهيوني وليس الإيرانيين). قامت السعودية، إثر حرق السفارة، بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع ايران، ولكن من حسن حظ قطر أنها لم تقطع علاقتها مع إيران، بل سحبت سفيرها بتاريخ 6/1/2016، في حين استمرت السفارة بالعمل بشكل طبيعي. ووجدنا أن الإمارات والكويت فعلتا نفس الشيء (رجع السفير القطري إلى إيران بتاريخ 24/8/2017). بعد ذلك توجه الظبياني نحو تركيا ليغير نظام حكمها ليصبح مواليا له، ومعاديا لقطر. اجتمع العميل الصهيوني مع فتح الله غولن، العقل المدبر لمحاولة الانقلاب، عبر رجل أعمال فلسطيني يعيش في الولايات المتحدة، وبعد الاجتماع تم تحويل مبلغ 3 مليارات دولار من الإمارات لصالح غولن. وفي 15/6/2016 تمت المحاولة الانقلابية في تركيا. كانت الإمارات ومصر، وقبل التأكد من نجاح المحاولة، أولى الدول التي أعلنت ترحيبها بالانقلاب على أردوغان، لدرجة أن العديد من وسائلهم الإعلامية ذكرت أن أردوغان هرب من تركيا ووصل إلى دولة أوروبية. أما قطر، والتي عرفت وأبلغت تركيا عما يدار لها من الظبياني، فقد وقفت مع تركيا ضد الحركة الانقلابية، بل وسخرت كل أجهزتها، الأمنية والمدنية، لتكون تحت تصرف الحكومة الشرعية التركية. خرج أردوغان، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، داعياً الشعب التركي للنزول إلى الشوارع لصد محاولة الانقلاب، وفعلاً تم ذلك، وخرج الشعب الأعزل يعترض الدبابات والجنود المدججين بالسلاح، وخرجت معهم، ولأول مرة، الأحزاب المعارضة لأردوغان. فشل الانقلاب وبدأت تركيا بتوجيه أصابع الاتهام إلى من تعتقد أنهم خلف المحاولة الانقلابية. ومن يوم 15/7/2016 والظبياني يعيش في حالة من القلق خوفاً من انكشاف دوره في محاولة الانقلاب الفاشلة، وخوفاً من الرد التركي. وفي يوم 20/7/2016 هبطت طائرة الظبياني بمطار حمد الدولي في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، ولا أعد لها سلفاً، ولم تكن بدعوة من قطر. ويعتقد أن هذه الزيارة، التي تمت قبل اجتماع مجلس الأمن القومي التركي في أنقرة، كانت لطلب الوساطة من أمير قطر بين الظبياني وتركيا، ومحاولة استرضاء أردوغان. وفي 15/2/2017 قام أردوغان بزيارة كل من قطر والكويت والسعودية ولكنه استبعد الإمارات من الزيارة. وبينما كان الظبياني يخطط مع الدول الأخرى، من خلف الكواليس، لحصار قطر ونهب ثرواتها بلغت الخسة والدناءة مبلغاً كبيراً عند السلطات البحرينية. ففي 28/2/2017 وصل إلى قطر، في زيارة نادرة جداً، رئيس مجلس الوزراء البحريني الذي يكن عداءً ليس له نظير لقطر، تبعتها زيارة لولي عهد البحرين لقطر في 4/3/2017، ولم تذكر وكالات الأنباء سبب الزيارة، ولكن الذي نعرفه جيداً أن البحرين طلبت مساعدة من قطر بمبلغ مليار ريال قطري، وكانت قطر على استعداد لدفع المبلغ لمساعدة من تعتبرهم "أشقاء" (والحمد لله حدث الحصار قبل أن يتم تحويل أي مبلغ للبحرين). دخلت قطر، في أبريل 2017، بصفقة بين أطراف سنية وشيعية في العراق وسوريا بهدف: 1. تحرير 26 رهينة قطرية اختطفتهم وأسرتهم ميليشيا حزب الله العراقي. 2. الإخلاء الآمن للمدنيين من مدينة الزبداني وبلدات كفريا والفوعة ومضايا (بلغ عدد المدنيين الذين تم إجلاؤهم حوالي 000ر7 شخص). ولكن الذي لا يعلمه الظبياني أن المبالغ التي دفعت للمليشيات (أكثر من 700 مليون دولار) تم ذلك من خلال علم ومتابعة أمريكا الدقيقة لها، وسلمت للرئيس العراقي، الذي وعد الأمريكان بإرجاعها لدولة قطر بعد انتهاء الصفقة. وفي يوم الجمعة 21/4/2017 وصل الرهائن القطريون إلى قطر (كان من بينهم سعوديان). هذا النجاح القطري في الصفقة أثار غضب الظبياني الذي أثار به غضب السعودية. وفي 1/5/2017 توجه أمير قطر إلى السعودية في زيارة لم يتم الإعلان عنها مسبقاً. ومع أن نشرات الأخبار لم تعلن عن سبب الزيارة، ولكني أعتقد أنها زيارة تأتي في سياق شرح ملابسات صفقة الرهائن القطريين، وإخلاء المدنيين السوريين، وكشف ألاعيب الظبياني، والخطر المحدق بالسعودية. لقد انتابني شعور غريب، وأنا أتابع وصول سمو الأمير المفدى لمطار جدة، بأن الظبياني قد أمر باستقبال بارد لسموه من الملك وولاة عهده حتى يقضي على أي تحرك كان يهدف لإنجازه سمو الأمير في السعودية. وفعلاً تم ذلك ولكن سمو الأمير مضى في تحقيق الهدف الذي جاء من أجله إلى السعودية. بعد زيارة سمو الأمير إلى جدة تمت دعوة سموه لحضور قمة الرياض2017. وقمة الرياض، التي عقدت بتاريخ 20 — 21 مايو 2017، هي سلسلة من ثلاثة مؤتمرات عقدت بمناسبة زيارة رئيس أمريكا للسعودية (احدها مع السعودية والثاني مع دول مجلس التعاون الخليجي والثالث مع الدول العربية والإسلامية). وحضرت جميع الدول العربية والإسلامية (54 دولة) ما عدا المغرب والسودان. والعجيب أن الرئيس الأمريكي في خطابه أكد أن "دولة قطر شريك استراتيجي في الحرب على الإرهاب". وأضاف أن "دور قطر مهم في تعزيز الأمن بالمنطقة والعالم". وانتهت القمة وحمل ترامب رزمة أموال كبيرة بلغت مئات المليارات من الدولارات. وللقصة بقية. وفي الختام نقول إن حرق السفارة السعودية (والتي أعتقد أنها تمت بمعرفة الظبياني)، ومحاولة الانقلاب في تركيا (والتي فيها بصمات الظبياني واضحة)، ما هي إلا محاولات لعزل قطر عن حلفائها الأساسيين في المنطقة، وكان ذلك تمهيد لمخطط أكبر كان يعده الظبياني، بتوجيه وتخطيط العميل الصهيوني، لدولة قطر. والله من وراء القصد،،