23 سبتمبر 2025

تسجيل

التسرب من التعليم كارثة وطنية 

01 أبريل 2018

  اليوم ونحن في هذه الظروف التي أحدثتها السياسات الحمقاء لدول الحصار بحاجة إلى تدعيم العنصر الوطني في جميع المؤسسات والوزارات ، وإتباع سياسة التوطين بدل التغريب ، تحسباً لمواجهة أي تغييرات ديمقراطية طارئة ومتوقعة ، ومع الحصار فعَّلت الدولة التوطين في المجالين الاقتصادي والتجاري؛ الحكومي والخاص والمشاريع الصغيرة ، بالتشجيع والدعم المادي لتجاوز الأزمة بدافع ضرورة الاعتماد على النفس، وتغذية المجتمع بكل احتياجاته من المنتوجات الغذائية والصناعية والزراعية الوطنية، لذلك يعتبر الحصار الجائر هبة ومنحة للمجتمع القطري، واعتبار ومحاسبة الذات لأبنائه، تجاوزت قطر المحنة بسياستها الحكيمة.  ● والحديث عن التوطين ليس جديداً ، ولكن لابد أن يأخذ مجراه بالطرح والمناقشة ووضع الحلول بين المسئولين في جميع المؤسسات والوزارات خاصة تلك التي يقل فيها سقف التوطين الوظيفي، سيما المناصب الإدارية العالية التي يشغل إدارتها غالباً العناصر البشرية الأجنبية ، في أغلب المؤسسات والوزارات ، كمؤسسة حمد الطبية ، وهيئة المتاحف ومركز سدرة للطب والبحوث.  ولكن تبقى الطامة الكبرى والكارثة الوطنية التي يجب الانتباه لها قبل أن تحَّل علينا كارثة التغريب ، ندرة أو شبه انعدام التوطين في المدارس خاصة المدارس المستقلة التابعة لوزارة التعليم والتعليم العالي التي بدأت ظاهرة التسرب من التدريس ينخر هيكلها التعليمي، مما أدى إلى تغريب تعليمي مهني ، والذي سبق أن تحدثنا عنه في مقالات متعددة وحذرنا  من امتداد التغريب في المدارس نظرا لانتشارها كظاهرة، خاصة مدارس البنين  وتأثيرها سلبيا على المخرجات التعليمية وعلى المنظومة القيمية والانتمائية، التي تحرص الوزارة على تطبيقها ،  مما يتناقض مع الجهود الأخيرة التي بذلتها وزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية بتعاونها مع كافة مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة من أجل تنفيذ خطة التوطين في الوظائف التي تعد ركناً هاماً في تحقيق رؤية قطر ، كما يعتبر ركيزة هامة لعملية التنمية ، وقد اشتعلت الوسائط التواصلية هشتاق ( استقالات _المعلمين _ القطريين ) بتأكيد الاستقالات المتتالية وأسبابها من الواقع التعليمي وعبر تفعيل نافذة إلكترونية خصصتها إدارة الموارد البشرية بوزارة التعليم والتعليم العاليّ لتقديم طلبات الاستقالة من معلمي المدارس الحكومية الراغبين في ترك العمل خلال تعبئة نموذج إلكتروني ، فقدمت الاستقالات بكل سهولة لتسهيل إجراءاتها ، لتصبح تلك النافذة معبرا للتخلص من التدريس ومن تبعاته المثقلة التي تعاني منها المدرسات كما ذكر دون وجود الحلول ومناقشة الأسباب بكل جديّة ، بالرغم من المكرمة الأميرية التي منحت للمعلم بزيادة الرواتب لاستقطاب ذوي الكفاءات والخبرات الوطنية أو المتخرجات حديثاً للعمل في التعليم بعد أن حلّ التغريب مع افتتاح المدارس المستقلة إلا أن الزيادة في تقديم طلب الاستقالات والتحويل للتقاعد من ذوي الخبرات والكفاءات التعليمية يدعونا للتساؤل..  ما هي الأسباب التي أدت إلى نفور المعلم القطري من التدريس بالرغم من ارتفاع سقف الراتب  ؟!!، أليس النافذة الإلكترونية هي تفعيل لاستمرارية تقديم الاستقالات بكل سهولة ويسر وإحلال التغريب؟!!، إذن أين المسئولين في إدارة الموارد من دراسة الظاهرة من خلال العمل الميداني داخل أروقة المدارس لمعرفة الأسباب وإيقافها ؟!!، هل هي أسباب متعلقة بكثرة المشاريع والأنشطة الملقاة على عاتق المعلم والإجبار على تنفيذها دون التفكر باستنزاف الوقت الذي هو حق للطالب والمعلم ؟!!، أم أن هناك خطأ في تقديم الطلبات المستمرة من خلال التوجيه التي ترهق المعلم وتسلب وقته وجهده !! أم أن القوانين الأكاديمية والمهنية غير واضحة تجعل المعلم آلة مبرمجة  لتنفيذ المطالب والمشاريع دون نتائج واضحة ؟!! أو أن التغيير المستمر في الأنظمة التدريسية والمنظومة التعليمية هي السبب ؟!! أم أنه  التغيير المستمر في المشاريع وإنهائها ؟!!، فالمعلمة في حصار من المشاريع والمتطلبات والبرامج مابين المنسقة والموجهة والنائبة الأكاديمية وإدارة المدرسة تتطلب وقتا وجهدا وفكرا لتلحق بتقديمها وعرضها تتجاوز الاهتمام بوقت الطالب ومصلحته ، كل هذه الأسباب لا تحتاج إلى أقوال وتصريحات إنما تحتاج إلى جهد لوضع الحلول وتنفيذها في الواقع لإيقاف نزيف الاستقالات والهروب من التعليم ، بالرغم من الرواتب الباهظة ،  وإحلال الدورات والورش الصباحية بدل المسائية ، كما أن الدوام اليومي أقل زمنا إذا قيس بالوزارات والمؤسسات الأخرى وربما هناك أسباب أخرى تتعلق بالمعلم نفسه ، جعل النفور من التعليم ظاهرة متتالية وغير صحية في الوقت الذي تتطلب المنظومة القطرية عناصر وطنية ذات جودة عالية من الكفاءة والخبرة مهنيا وأكاديميا بفكرها وانتمائها وقيمها لمواجهة التحديات المحتمل وقوعها مستقبلا ، ومن أخطرها ثقافة العولمة بأفكارها ومعتقداتها وتأثيرها على مقومات المواطنة وقيمها وأخلاقها وانتمائها.          ● ولاشك أن وزارة التعليم كشفت عن تقطير 80 بالمائة من الوظائف العليا والوسطى بعام 2017 بالمدارس الحكومية على مستوى النواب الأكاديميين والنواب الإداريين ومنسقي المواد ، ولكن ماذا عن تقطير الجانب المهني في التعليم، نأمل دراسة كارثة التغريب التعليمي في المدارس ، ووضعها في أولويات أجندتها ، كما هي كارثة امتداد الاستقالات بين المدرسات القطريات ومناقشة ذلك من خلال مجلس الشورى والجهات المختصة عن التعليم.