15 سبتمبر 2025

تسجيل

مسنون ومسنات

01 أبريل 2014

في سياق الانفتاح الاقتصادي والتنموي والثقافي في ما يقارب آخر عشر سنوات مرت علينا ،كان لضرائب الانفتاح عوامل كثيرة أثرت على كل جانب من جوانب حياتنا الاجتماعية والأسرية وحتما منها الإيجابي ومنها السلبي ومنها ظهرت العديد من المصطلحات والعبارات المتداولة بين شرائح المجتمع بكل فئاته وربما لم تكن متداولة من قبل ولم نسمعها من السابقين من الآباء والأجداد رغم محدودية الدخل الاقتصادي وانخفاض المستوى المعيشي إلا أننا لم نسمع عن كلمة الغربة أو العزلة الاجتماعية وعواقبها الناجمة عنها على الآباء والأبناء بالصورة التي أصبحنا نسمعها في الوقت الحالي ويكاد يكون في الماضي كبار السن لهم مكانة اجتماعية كبيرة في الأسرة والمجتمع منبثقة من مجالس كبار السن الفعالة التي كانت تعالج كافة القرارات الاجتماعية والمتعلقة بالأسرة وأيضا مناقشة الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية بالمجتمع فكان لهم دور اجتماعي واقتصادي حيوي للغاية إضافة إلى دورهم الأساسي في كل ما يتعلق بكل صغيرة وكبيرة بالعائلة والاعتماد عليهم في توفير مصادر الدخل الاقتصادية للأسرة ولذا كنا نجد الرجل أو المرأة تجاوزت الخامسة والستين من العمر إلا أنهم في قمة العطاء والحيوية والنشاط نظرا لما يقدمونه من عطايا نفسية واجتماعية واقتصادية في المجتمع وأما الآن ربما أصبح مفهوم العزلة يطرق الأبواب وطاولة المناقشات لدى الأسرة والمسؤولين على إيجاد حلول جذرية لدمج المسنين وإخراجهم من العزلة الاجتماعية والتي يعاني منها البعض من كبار السن نظرا لانتقال الأسرة الممتدة إلى أسرة نووية واعتماد الكثير من الأبناء على أنفسهم في العديد من القرارات الأسرية المتعلقة بهم والانفتاح التكنولوجي ومنها تعددت وسائل الاتصال الإلكتروني التي حلت مكان التواصل الاجتماعي المباشر ما بين الأبناء والآباء والأجداد ومنها الهواتف المتنقلة بدلا من التواصل المباشر بينهم، في كافة المعاملات اليومية وإن كانت المناسبات الاجتماعية والدينية وكان لها أثر كبير على المساهمة في تنشيط مفاهيم الغربة والعزلة الاجتماعية إضافة إلى انحلال العديد من المجالس لكبار السن وحتى الكثير منها ما زالت موجودة ولكن لم تؤد نفس الأدوار التي كانت تقوم بها في الماضي بنفس الهيبة والقيمة لأهميتها في الوقت الحالي ومما أسهم في العزلة الاجتماعية لدى الكثير من كبار السن الفراغ الذي يعيشه الكثير منهم وبالأخص بعد سن التقاعد وانشغالات الحياة اليومية وربما الكثير منهم كانت لديه علاقات كثيرة أثناء عمله ولكنها انقطعت بحكم التقاعد مما أسهم في عزلة نفسية يعاني منها كبار السن بسبب أيضا الفجوة الكبيرة بينهم وبين عقول الأجيال الحالية وعدم قدرة الكثير منهم على التواصل الفكري والنفسي معهم في الحوار والنقاش الفكري والثقافي في الأسرة والمجتمع وبالأخص إذا كانت الأجيال الحالية تتميز بطابع خاص في التفكير ومرتبط بالأكثر بالثقافة الإلكترونية أكثر من التواصل الاجتماعي المباشر والذي يختلف مع ثقافة وفكر كبار السن، وإضافة إلى أن هناك الكثير من الأبناء يقيم والداهم معهم في نفس المنزل وموفر له كافة الخدمات من خادم وسائق بالمنزل ولكن للأسف ونظرا لضغوطات الحياة وساعات العمل يجلس باليومين وأكثر لم ير أو يجلس مع والديه ولو ساعة كل يوم، وأصبحوا القائمين على خدمتهم هم أقرب الناس إليهم من ذويهم، ويعلمون كل صغيرة وكبيرة عن كبير السن أكثر من أبنائهم، ولذا أصبحت الغربة النفسية والاجتماعية التي يعيشها كبار السن أكبر من واقعهم الحالي مع أسرهم وفي المجتمع نفسه، ولذا حتى نخرج من دائرة انتشار العديد من المصطلحات والعبارات التي تتعلق بالعزلة أو الغربة ومفرداتها أن نضع أيدينا على كافة المشاكل والقضايا التي يعاني منها كبار السن واحتياجاتهم الفعلية وكيفية إشباعها من خلال مشاركاتهم الفعلية فيها وعدم اتخاذ أي قرارات دون مناقشتهم فيها سواء كان في الأسرة أو المجتمع، ولابد من إيجاد بدائل اجتماعية وعملية يكون لهم فيها دور فعلي وصناع قرار بحكم خبرتهم وحكمتهم الطويلة وتفعيلها بطرق مختلفة وإن كان عن طريق إحياء مجالس كبار السن من جديد وإلقاء الضوء على أهميتها وضرورتها للحفاظ على الأسرة في المرتبة الأولى والاستفادة من خبراتهم الطويلة من جانب آخر، ونحتاج إلى أن تكون هناك خطط واضحة وبعيدة المدى للمسنين المثقفين المقبلين على مرحلة الشيخوخة القادمة في ظل دولة تسعى للتميز في كافة المجالات، وحتى لا تكون هناك فجوة بين الخدمات التي تقدمها الكثير من المؤسسات الاجتماعية والنفسية وكبار السن والأجيال القادمة ونظل عقبها نهدر الكثير من الوقت والجهد والمال في قرارات ليست صائبة بالصورة التي نأمل أن نراها في المجتمع وهي مساهمة كبار السن بصورة أكبر من مساهمتهم في الماضي ونحن قادرون على ذلك.