11 سبتمبر 2025

تسجيل

جان جاك روسو وزملاؤه في "كلوب هاوس"

01 مارس 2021

"في حارتنا ديكٌ ساديّ سفّاح" مطلع قصيدة "الديك" للشاعر نزار قبّاني الذي كان يصف فيها مسؤولا عربيا تبادر إلى ذهني مع خبر قتل ديكٍ لصاحبه في الهند. الديك الذي أُجبر على النزول إلى حلبة مصارعة رفض الإذعان لصاحبه وطعنه بنصل ثُبّت بساقه، أثناء محاولته الفرار من الحلبة رافضاً خوض المعركة. وجه الشبه هنا أن الصراع بين "الديوك" لا يتفاقم عن عبث، بل هناك من يُدرّبهم، ويُغذّيهم، ويشحذ نصلهم، ويُحوّلهم إلى أعداء، ليقتلوا بعضهم البعض في حلبة تدرّ المال، وتُلهي الجمهور بالمنافسة، وتُكرسّ متعة الصراع على القوّة. الديك محتجز حاليًا في مركز الشرطة تمهيدًا لإعادته إلى المزرعة، تمت مصادرة سلاح الجريمة.. ماذا لو كلّ ديك فرّ من المعركة وقتل من أجبره على خوضها؟ من المزرعة الهندية إلى لبنان، الدولة، التي تستعيد شوارعها الانقسام عند كلّ امتحان في الهوية. فعلى الرغم من اتفاق اللبنانيين على الانتقال من صيغة الميثاق الوطني بـ"لبنان ذو وجه عربي"، إلى صيغة الطائف بـ"لبنان بلد عربيّ الهوية والانتماء"، إلا أن الصراع اليوم خرج من إطار "العروبة" نهائيًا، وأصبح بين مطالبين بتدويل الملف اللبناني وإخراجه من دائرة الصراع- العربي الإسرائيلي، ومن يُصرّ على تكريسه ثمنًا للتسويات في الصراعات الإقليمية- الدولية. الأطراف كلّها مستفيدة.. وبقية الشعب تبحث عن هويّة لها في المهجر. ذلك المهجر الذي يتعمّد بين حينة وأخرى الإعلان عن تغيّر لونه من الأبيض إلى الأسود، مع أخبار تبوأ "الرجل الأسود" و"الرجل المسلم" و"المرأة المحجبة" لأول مرة في التاريخ منصبًا جديدًا هنا وزعامة هناك، وأحدثها انتخاب "أنس سروار" زعيماً جديداً لحزب العمال الاسكتلندي في بريطانيا، وهو ابن أول نائب مسلم في تاريخ المملكة المتحدة. هنيئًا لنا هذا الفوز العظيم. فابن النائب نائب، مهما كان دينه ولونه، الأهم أن يحترم القوانين العلنية منها والسرية. السرية في تطبيق "كلوب هاوس" محطّ جدل بعد تسريب بيانات المستخدمين الذين يدخلون إلى غرف "الدردشة".. أقصد الصالونات الثقافية التي تُشبه في ظاهرها الصالونات الفرنسية والإنجليزية البرجوازية في القرن الثامن عشر، حتى أني أكاد أتعرّف على جان جاك روسو من صوته ونظرائه من الأدباء والفلاسفة. الوجوه نفسها.. في تغريدات يومية، ومقالات صحفية، و"سنابشاتات يومية"، وإعلانات دعائية، ومقابلات إعلامية، وفعاليات حكومية، وآخرها جلسات نقاشية صوتية. أصواتكم مهما علت.. فنغمتها واحدة. البراءة ولو من تهمة واحدة.. هذا ما يتمناه الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي الذي ينتظر حكم القضاء الفرنسي بالتهمة الموجهة إليه وهي "الرشوة"، مع التمهيد لمحاكمة مقبلة تتعلق بـ"الفساد وإساءة استخدام النفوذ". قاطعنا البضائع الفرنسية وقد تكون من بينها العدالة وسيادة القانون لمحاكمة الرؤساء السابقين. في مقلب آخر، السيادة في العراق تائهة، فيما الجامعة العربية تُندد بانتهاك السيادة لكّننا لم نسمعها جيدًا، السبب وضعها الكمامة حفاظًا على صحة وسلامة المجتمع العربي والتزامًا بالشرائع الدولية. الدول مشغولة بمستقبل النقد العالمي، حيث المنافسة محتدمة بين أغنياء العالم مع مؤيد لـ"البيتكوين" ومعارض لها. أما الطبقة الكادحة والمتوسطة فالتمييز بين إصدار ألوان العملات الورقية هو الذي يؤرقنا.. الأزرق لك، الورديّ لي، والأخضر لهم.