10 سبتمبر 2025

تسجيل

"رعد الشمال" خطوة نحو قوة موحدة

01 مارس 2016

يبدو أن المرحلة الثانية من فكرة تشكيل تحالف عسكري إسلامي قد بدأت فعاليتها على أرض الواقع منذ يوم السبت الماضي، الذي انطلقت به فعليا عملية "رعد الشمال" بمشاركة جيوش من عدة دول عربية وإسلامية، وكان ذلك من نتاج الفكرة الرائدة للأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي الذي نادى بتشكيل تحالف قوي من الدول العربية والإسلامية لمواجهة أي أخطار تهدد استقرار بلادنا، ومواجهة الإرهاب أيا كان مصدره، والواجب أن لا نقف عند هذا الحد، بل السعي للوصول إلى قوة عسكرية عربية إسلامية موحدة.درع الشمال، ليس مجرد مناورات عسكرية روتينية للجيوش المشاركة، ولا يقف عند حد وصفه بأكبر مناورات عسكرية على مستوى العالم فحسب، بل هو في المفهوم الإستراتيجي بعيد المدى يمكن أن يوصف بأنه نواة حلف عربي إسلامي ذي قوة ضاربة، ما يسهل عمليا التوصل إلى اتفاق عربي لتشكيل قوة عربية مشتركة ممكن أن تنخرط في أي حرب ضد أي بلد عربي أو أكثر، ومن الممكن أن تواجه أخطار الدول العادية أو المجاورة في أي جبهة تحتاجها.الجديد في مناورات درع الشمال هي في جمع أكبر عدد من جيوش العالم الإسلامي، فمن القراءة لأسماء الدول المشاركة ندرك أن اللبنة الأساسية لبناء المستقبل العسكري العربي قد وضعت فعلا، فالدول العربية المشاركة وهي: المملكة العربية السعودية، والمغرب، والأردن، وقطر، والإمارات، والكويت، والبحرين، ومصر، والسودان، وتونس، وموريتانيا، وسلطنة عمان، وجيبوتي، وجزر القمر، تقابلها دول من العالم الإسلامي على رأسها تركيا وباكستان، إضافة إلى ماليزيا والسنغال، والمالديف، وتشاد، إضافة إلى قوات درع الجزيرة.ورغم غياب بعض الدول العربية التي تنأى بنفسها عن التهديدات التي تواجه الأمة والعالم العربي، ظنا منها أنها في مفازة من الخطر، فإن التحدي الأكبر أمام هذه الخطوة الأولى من نوعها هي في الاستمرارية، فإذا تمكنت المملكة العربية السعودية من الحفاظ على جسور التواصل مع الدول المشاركة، من الممكن حينها التوصل إلى إنشاء حلف غير عادي يضمن استمرار التعاون العسكري بين هذه الدول، وهذا ليس بالعسير على قيادة المملكة بناء على النهج الجديد الذي يتسم بالجدية في التعاطي مع التحديات التي تواجه المنطقة العربية.من هنا يبدو واضحا أن الرسالة التي تريد إيصالها المملكة العربية السعودية ودول الخليج والدول العربية المشاركة أو على الأقل المتعاونة والمتسقة مع الحلف العربي والداعمة للإجماع العربي، هي بالدرجة الأولى موجهة إلى إيران بكل وضوح وهي التي مدت أيديها وأرجلها بكل قواتها العسكرية والاستخبارية في عمق العالم العربي ابتداء من لبنان سابقا، ثم العراق بعد الاحتلال، واليوم في سوريا واليمن، فأطماع إيران ليس لها حدود في منطقتنا ونحن غافلون منذ زمن عما تحيكه مع أعوانها.إيران التي تضخمت عندها النزعة الفارسية كقومية اجتزأت الإسلام باسمها وبطائفتها، لم تقف مكتوفة الأيدي، فقد تحركت فور الإعلان عن القيام بمناورات رعد الشمال، وقامت هي الأخرى بمناورات شاملة لجميع قطعها البحرية العسكرية والحربية، تستمر خمسة أيام، حيث تجري المناورات الإيرانية على أربع مراحل تشمل شرق مضيق هرمز وبحر عُمان والمياه الحرة الواقعة في خليج عدن وشمال المحيط الهندي، حسب وكالة الأنباء الإيرانية، التي ذكرت أن الهدف من المناورات -إلى جانب أنها رسالة سلام وصداقة لدول المنطقة- هو استعراض القدرات البحرية في مواجهة التهديدات الأجنبية، وتدريب الوحدات المنتشرة في المياه الجنوبية للمنطقة.وسائل إعلام إيرانية نقلت عن قائد القوات البحرية الإيرانية "حبيب الله سياري" قوله إن المناورات تهدف إلى تأمين المنطقة الإستراتيجية بشكلٍ كامل، وتقييم القدرات البحرية في الحفاظ على الاستتباب الأمني، موضحا أن المناورات تشمل السفن الحاملة للصواريخ وعددا من الغواصات، إضافة إلى قوات خاصة بتحرير الرهائن والسفن المختطفة.لهذا يجب على المملكة العربية السعودية وشقيقاتها حسم خياراتهم والانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة الكبيرة التي تهدف إلى تأمين أمن وسلامة ووحدة الدول العربية الواقعة على حدود دائرة خط النار الملتهب في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وذلك بإنشاء هيئة مستقلة للحلف العسكري العربي الإسلامي، يحاكي حلف الناتو، إذ إن الوقت لا يمكن المراهنة عليه للمساعدة في استتباب الأمن وعودة الهدوء، وإنهاء الصراعات التي تغذيها إيران بشكل واضح، عدا عن الخطر الآخر المتمثل بالجماعات الإرهابية الممولة من إيران أو التي تخدمها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كحزب الله وفيلق القدس وميليشيات الحشد الشعبي وشبيحة النظام السوري، يقابلهم تنظيم داعش الذي تمددت نفوذه إلى أبعد من شرق سوريا.