27 أكتوبر 2025

تسجيل

هجرة العقول العربية للخارج

01 مارس 2016

موضوعنا اليوم عن هجرة العقول العربية الى خارج أوطانها واقصد بهجرة العقول أو الكفاءات العلمية، نزوح حملة الشهادات الجامعية العلميـة والتقنيـة والفنيـة للخارج، مما يمثـل مشكلة وجرحا كبيرا يؤرق التنمية العربية من خلال استنزاف العنصر الأثمن والثروة الأغلـى وهى فئة الشباب المتفوق، وما اصطلح على تسميته بـ/هجرة الأدمغة/ وهى واحدة من أكثر المشكلات حضورا فى مجتمعاتنا، وتتصدر قائمة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التى تعانى منها الامة.يهاجر نحو 100 ألف من العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء كل عام من ثمانية أقطار عربية هي: لبنان، سورية، العراق، الأردن، مصر، تونس، المغرب، الجزائر، كما أن 70 بالمائة من العلماء الذين يسافرون للتخصص لا يعودون إلى بلدانهم، وتشير معظم تقارير اجهزة الامم المعنية، إلى انه منذ عام 1977 هاجر أكثر من 750 ألف عالم عربى إلى امريكا منهم 20 بالمائة أطباء و23 بالمائة مهندسون، 15 بالمائة من العلماء من مجموع الكفاءات من البلدان الناميةكنت فى مدينة نيويورك الامريكية منذ سنوات قريبة وخضعت لعملية حساسة وفوجئت ان الطبيب المسئول الذى سيجرى العملية شاب عربى فى مقتبل العمر وهو مسئول فى اهم مستشفى فى امريكا، وخاطبنى بلغة عربية شامية تيقنت منها عن جنسيته وطمأننى ان الامور على مايرام لكن فى قرارة نفسى ما زالت صورة الطبيب العربى المألوفة غير مطمئنة، وبعد ان تمت العملية بنجاح وقبل مغادرة المستشفى بسلام حاورته عن وضعه فى هذه المدينة الغريبة ولماذا ترك موطنه وهو من الكفاءات العالمية فى هذا المستشفى، ونشر ذلك الحوار هنا فى مجلة الصحة القطرية وذلك قبل ثورة الربيع فى سوريا.قالها بحسرة وهو غير نادم على ترك وطنه لانه وهو بهذه القدرة والكفاءة لا يمكن تحقيق ذاته فى مهنته هذه التى تعتمد فى اساسها على البحث العلمى وحافز التطوير، وسرد لى اهم العوامل الطاردة التى تدفع بالكفاءات العربية إلى الهجرة وترك أوطانها التى تعانى مظاهر التخلف، وقال ان اسباب هجرة العقول العربية بشكل عام هى معاناة شعوب هذه الدول العربية من تدن كبير فى مستوى الدخل، وجمود المؤسسات البحثية العربية القادرة على احتواء مثل هذه الطاقات، وفشلها فى توفير الجو العلمى لها والاستفادة من قدرتها العلمية.كيف استحوذت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية على اهتمام هذه العقول وقامت بتوظيفهم وتوطينهم، بينما اخفقت الدول العربية فى المحافظة عليهم؟ من المؤسف الاعتراف بأن الدول العربية لا تبدى أى اهتمام بهذه العقول المفكرة والمبدعة، ففى ظل الاهمال المتواصل من قبل الأنظمة والحكومـات لتلك الكفاءات لن يكون أمامهـا إلا قرار الهجرة، كى تجد لنفسـها مناخا للابداع العلمى غير المتوافر فى بلدانهم.لا تقتصر الآثار السلبية على واقع ومستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية فحسب، لكنها تمتد أيضاً إلى التعليم وكافة القطاعات المتصلة بالعنصر البشري، وهذا الوضع عبرت عنه الكثير من الأعمال الأدبية، و(موسم الهجـرة إلى الشمال) للطيـب صالح، ما هى إلا أقصوصة عـن هجـرة العقـول العربيـة نحـو الغـرب والتناقضـات التى تتحملهـا فـى ظـل صراعها بين حضارة متقدمة وبناء ثقافى تقليدى ترسخ فى الأذهان لسنوات طويلة.اجتذاب الكفاءات العربية العلمية بمختلف اختصاصاتها يستند إلى مبدأ مهم وأساسى يتمثل فى حرية التفكير والتعبير والتنفيذ، إضافة للحرية الاجتماعية المحفزة للابداع. وسلامتكم