31 أكتوبر 2025
تسجيلالأم تريد أن تسكت طفلها الذي كما تقول أنه أزعجها والذي لم يتجاوز السنتين، تعطيه "الآيباد" وتجعله يستمتع بمشاهدة الرسوم المتحركة وما يشاء منها والأغاني الخاصة بالأطفال أو تتركه أمام شاشة التلفاز مع الخادمة، وهذا ما تفعله الأم العربية والخليجية بصفة خاصة، فلا غرابة أن ترى كل طفل في أي مكان يحمل الآيباد معه أو يحتضنه وهو جالس في عربته الصغيرة!! ولكن هناك في الغرب حيث اخترع هذا "الآيباد" لا تراه في أيدي أطفالهم مهما كانت أعمارهم، فتراه يلعب أمام حديقة البيت أو الحديقة العامة مع أقرانه أو والديه وهما يشرفان على متابعته للعب.تسير الأم مع طفلها وهو في العربة أمامها في الحديقة أو المجمع التجاري، بل حتى في المستشفى أو تمسك يديه وهي تتحدث إليه مهما كان عمره وتشرح له ما يشاهد وترد على أسئلته بابتسامتها التي تؤكد حنانها، فتراها تقف أمام شجرة ما في الحديقة وتريه الثمرة التي سقطت منها وتحاول أن تشرح له وتفهمه ما نوعها وفائدتها.نعم لقد رأيت بأم عيني ذلك في أمريكا، لا وجود للآيباد عند الصغار أبداً إلا في المدارس، حيث الاستخدام العلمي له، فالأم والأب يحرصان على اصطحاب أطفالهما للتنزه في الحدائق والاستمتاع بتناول الطعام في المطاعم وزيارة المتاحف وخاصة العلمية وحدائق الحيوان والوقوف طويلاً أمام أقفاص الطيور والحيوانات وشرح المعلومات عنها المرفقة بالقفص، وتتركه يردد ما فهمه منها، وتجلس معه على حافة بحيرة البط لتعلمه كيف يطعم هذا الطائر وتمسك يديه وهو يتأرجح في المراجيح وتلعب معه بها، وتركب معه قطار الترفيه في الحدائق الذي يعرِّف الجمهور على مناطق ومعالم الحديقة، وتشاركه تناول الآيس كريم، لم ألاحظ في أي مرة طفلاً في يد مربية، اللهم إلا السواح العرب!!ونحن هنا نلقي بأطفالنا في أحضان الخدم والمربيات، فنرى هؤلاء الصغار تشاركهم المربية في الألعاب الترفيهية وتشتري لهم الحلوى وتشاركهم اللعب، وفي النهاية عندما تريد أن ترتاح تلقي إليهم بجهاز الآيباد المحمول في الحقيبة ليشاهد ما يريد وهو يتناول طعامه في أحد مطاعم الأكلات السريعة.إنه أمر محزن للغاية ومؤلم للنفس، أن نترك أطفالنا فلذات أكبادنا الذين أنجبناهم بشق الأنفس أحياناً، فريسة لهذه التكنولوجيا التي أثبتت الأبحاث والدراسات أنها تدمر الدماغ وتؤخر عملية بناء عضلات اليد لدى الصغار، خاصة لمن هم دون السنتين؛ لأن تلك العضلات تنمو خلال هذا العمر، إضافة إلى المشاكل في الظهر والرقبة، ناهيك عن ما لها من آثار سلبية على الذاكرة وما تسبب من حالات الانطواء لدى الطفل وكآبته وإجهاد الدماغ واحتمال إصابته بأمراض خطيرة فيه والصداع والإجهاد العصبي وتأثيرها الكبير على العين والأعضاء التناسلية والكلى.إن كل ذلك يجعلنا نفكر بأكبادنا التي تمشي على الأرض ونحميها من مخاطر هذا الجهاز وغيره من الأجهزة التكنولوجية التي تجهد الأعصاب وتدمر العقل، ونخصص وقتاً لهم معنا.