13 سبتمبر 2025

تسجيل

كلمة اعتذار

01 مارس 2011

كل البشر خطاؤون، والفرق بينهم تفاوت هذه الاخطاء فى حجمها، فمنها الكبيرة التى يتصدى لها الدين والعرف، ويضع لها القانون عقوباته، فهى ما لا يجدى فيها الاعتذار، ومن قد يدفع فيها الانسان سنوات عمره وسمعته، وقد تكون حياته.وما قد تجعل الانسان يقضى العمر فى طلب المغفرة والتوبة. ولست بصدد هذا النوع، وانما الهفوات والاخطاء الصغيرة التى قد نقترفها خلال اختلاطنا مع البشر حولنا واحتكاكنا بهم، فى حياة عملية، او علاقات عائلية، او صداقات، او حتى بين الازواج. فالخطا هنا وارد جدا، ومن منا قد لا يخطئ بكلمة، اوشعور او فهم خاطئ للامور. اخطاء قد نؤذى بها مشاعرالغير بقصد او بلا قصد، فينتابنا الضيق والندم، فمن ابسط ما يتوجب علينا حينها ان نقدم لهم الاعتذار الذى يستحقون،او حتى ان نشعرهم بطريقة ما باسفنا لما بدر منا. والغريب ان البعض يبخل بهذا الاعتذار، ويعتبره جريمة فى حق كرامته، رغم اعترافه بخطئه احيانا. هم يريدون ان تعود كل العلاقات لسابق عهدها من الصفاء والود، دونما اسف، وبتعنت شديد، ويعتبرون ان تقديم الاعتذار معناه الضعف واهانة الكرامة، حتى وان استمر هذا الخلاف والخصام الدهر كله. وقد يعز على من اخطا ان يترك عناده وكبرياءه، كما يعز على الطرف الآخر المبادرة بالصلح، فيذهب العمر فى خصام لا معنى له ولا مبرر، وقد يكون لاسباب تافهة، يتحول بعدها الاصدقاء الى اعداء. قالت احدى السيدات انها وفى بدايات زواجها، اخطأ زوجها فى حقها بكلمات، فتركت المنزل ساخطة، وانتظرت اعتذاره، ولم يعتذر لانه الرجل! ولم يتم الطلاق، ورفضت هى المبادرة بالعودة، واستمر هذا الوضع لمدة سبع سنوات كاملة، الى ان تم الصلح بطريقة اقرب للصدفة، وقد ابدى بعده اسفه لها، كما ابدت هى ندمها لما حدث، فتقول: وعادت بيننا الحياة رائعة، لكننا نحن من خسر كل تلك السنوات فى تعنت وعناد كان لينتهى كله بكلمة اعتذار. وفى رأيى ان تقديم الاعتذار ليس ضعفا، بل هو دليل على شجاعة الانسان وثقته بنفسه، وقوة شخصيته. فمن السيئ ان نتجاهل ما سببناه من جرح او ألم لغيرنا، وان من يقدم اعتذار، بكلمة او لمسة حانية تدل على الاسف يستحق منا الاحترام، فلا يعنى ذلك الا سمو نفسه ورقى مشاعره والنقاء. ولكن ما يدعو للاسف ان البعض عندما نعتذر له يخطئ فى تقديرنا، ويعتبر ذلك ضعفا،وقد يتمادى فى عدم قبوله. ومع ذلك لنكن اقوياء، ولتكن لدينا الشجاعة ان نعتذر عن اخطائنا، فنكسب احترامنا لانفسنا، ونرفع عن ضمائرنا ذلك الشعور الثقيل الذى يؤرقها. وقد اعجبنى احد الكتاب الصحفيين عندما اعتذر لاحدهم يوما، ثم قال:ان اعترافى بخطأى واعتذارى عنه، لا يزيدنى الا احتراما لنفسي، واحترام القراء الذين وثقوا بي. كذلك لا بأس احيانا ان نبادر نحن ببعض العتاب الذى نطمح منه للصلح ما دام هذا يسعدنا، بشرط ان نعلم بان من سنبادر له ممن سيقدرلنا ذلك. وفى النهاية علينا دائما ان نحاول ان نتعرف الى صفات من حولنا ممن نتعامل معهم، حتى نتفادى اسباب الخلاف، ونتجنب الزلات التى قد تعكر صفو حياتنا وسعادتنا.