15 سبتمبر 2025

تسجيل

الوقوف أمام عتبة الله

01 فبراير 2023

يواجه الانسان ذاته حينما يكون امام خيارات او اختيارات، فالقلق يأتي من انفتاح دوامة الاختيارات على المقبل المجهول، القلق شرط اساسي للوجود الانساني، ان تصور الحرية هو الذي يوقظ فينا القلق بشدة، كالواقف على اعلى بناية شاهقة ينظر الى اسفل في رعب لأنه يواجه عدة خيارات من بينها خيار ان يلقي بنفسه من الاعلى. يمر الانسان في حياته بعدة مراحل كما يفسر ذلك الفيلسوف كيركغارد، الاولى المرحلة الجمالية او الحسية يكون فيها الانسان غارقاً في الملذات والشهوات والمسؤولية فيها معدومة ثم تأتي المرحلة الثانية وهي المرحلة الاخلاقية وفيها يجنح الانسان الى الطمأنينة نوعاً ما بعدما انهكته الرغبات والملذات فيلجأ الى الالتزام بالاخلاق وتكوين العائلة، اما المرحلة الثالثة فهي المرحلة الايمانية وفيها يعلو الانسان على الشأن العام سواء جماليا او اخلاقيا، ليصبح منعزلاً ناسكاً على عتبة الله في علاقة مطلقة مع الله كما هو شأن الانبياء والمقربين يرى ويسمع ويتصرف من خلال اوامر الله في يقظته ومنامه، فالانسان ليس سوى معادلة بين الجسد والنفس، فالجسد يعيش ويفنى في الزمن لكن الروح أبدية، والوقوف على عتبة الله في اليوم الاخر يجتمع فيها الزمني "الجسد" مع الابدي "الروح" من جديد، فلا تجعل وقوفك امامه غداً جسداً خاوياً او روحاً هائمة، ولا تسقط في المراحل السابقة للمرحلة الايمانية التي ذكرت، فقمة اللذة وقمة الاخلاق هي المرحلة الايمانية التي تتعالى عن كل شأن عام في هذه الدنياً حتى تعيش لذة الوجود الحقيقي مع الله فرداً بعد ان تتجاوز عتبة الوقوف امامه. فالقلق يكون ايجابياً حينما يجعل منك فرداً مسؤولًا امام الله، بعد ان كنت رقماً في المجموع في دنيا البشر.